السبت 23 نوفمبر 2024
القاهرة °C

قصر الأمير طاز .. قصر شاهد علي عصر

الحدث – القاهرة – احمد عبد العزيز النجار

بناية شامخة صامتة بشارع السيوفية المتفرع من شارع الصليبة بمنطقة الخليفة بالقاهرة القديمة. ثلاث سنوات وشهور قلائل شهدت نشأتها على يد الأمير سيف الدين طاز بن قطغاج، الذي بدأ يظهر اسمه خلال حكم عماد الدين إسماعيل بن الناصر محمد بن قلاوون (1343 – 1345م) في عصر دولة المماليك البحرية، وتدرج في المناصب إلى أن أصبح أحد الأمراء ممن بيدهم الحل والعقد في عهد أخيه الصالح زين الدين حاجى. ثم زادت وجاهته خلال فترتي حكم الناصر حسن بن الناصر محمد الأولى والثانية.

لم يكن اختيار موقع القصر بالمصادفة ولكنه يرجع لقيمته حيث بنى بشارع من أهم شوارع مصر المملوكية أنذاك وقد أشرف على عمارته الأمير منجك بنفسه كما تشير المصادر التاريخية.

كان لهذا الموقع أكبر الأثر في مراقبة الحياة السياسية بمصر والمشاركة في أحداثها فقد شهد نزول السلطان من مقر حكمه ليفتتح هذا القصر، كما أنه شاهد تدبير الأحداث التي توالت لإزاحة وتولية السلاطين أبناء الناصر محمد بن قلاوون. كما شهد الفتنة التي كانت بين المماليك السلطانية وبين مماليك الأمير الكبير جارقطلوا. كما كان هذا القصر مقراًلنزول الباشوات المعزولين عن حكم مصر. ففي عام(122هـ/1709م) نزل باشا مصر الوزير خليلبالقصر، كما نزل به ايضاً ولي باشا المتولي لباشويةمصر عام (123هـ/ 1713م).

تبلغ مساحة القصر الاجمالية أكثر من ثمانية آلاف متر مربع وكان قديمًا يتكون من فناء كبير بمثابة حديقة، تتوزع حوله عناصر القصر المختلفة كجناح الحرملك والمقعد واللواحق والتوابع والأسطبل.

في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي قررت الحكومة الخديوية الاستفادة من القصر فعملت علي تحويله إلي مدرسة للبنات وما هي إلا سنوات قليلة حتى قامت وزارة التربية والتعليم بإخلاء القصر وتحويلهإلي مخزن لمئات الألوف من الكتب الدراسية ومئات الأطنان من الخردة.

مع مرور الوقت تمايلت الكثير من جدران القصروانهارت العديد من غرفه خاصة حينما تعرضت مصر لزلزال أكتوبر 1992م كما شهد العام 2002م انهيارجانب كبير من الجدار الخلفي للقصر الأمر الذى دفع وزارة الثقافة للعمل على ترميمه وبالفعل تمت عملية الإنقاذ وإعادة النبض إليه وقد أسفرت عمليات الترميم عن اكتشافات أثرية هامة كما تم العثور علي كمية هائلة من العناصر الخشبية والمعدنية والحجرية التي ساعدت علي عودة القصر الي رونقه القديم بنفس مكوناته الأصلية.

يطل المدخل الرئيسي للقصر بالكامل على شارع السيوفية حيث يبدأ بممر مستطيل له باب في نهايته قبو متقاطع على جانبها الشرقي والغربي دخلتان تفتح كل منهما على فناء مستطيل (صحن القصر).

كما يوجد للقصر مدخل فرعي أخر يطل على درب الميضأة (حارة الشيخ خليل) وصفته حجة على اغا بأنه باب سر القصر، وهو يقع في الجهة الجنوبية الشرقية من القصر.

ويواجه المدخل عمود ذو بدن مستدير من الجرانيت له قاعدة مربعة وتاج كورنثي يرتكز عليه عقدان مدببان مشهران.

كما أن للقصر قاعاتان، الأولى وهى القاعة السفلية والثانية هي العلوية والتي تبين الصور الفوتوغرافية القديمة أن مكوناتها عبارة عن دور قاعة وإيوانين يتوسط الدور قاعة نافورة، ويسقف الإيوانين سقفان مزخرفان، وتشرف كتلة الحرملك على الفناء بشبابيك من الخشب البغدادلي يعلوها ثلاثة شبابيك مستديرة (قمريات).

توجد بالجهة الشمالية من الحمامات العلوية الملحقة بالقاعة الرئيسية الساقية العلوية والتى تخدم احتياجات الطوابق العلوية للقصر وتمدها بالماء اللازم لها، وعدة الساقية مفقودة ولكن البئر الذي يغذي الساقية بالماء وحوض التجميع موجودان ويقع الأسطبل بالجهة الجنوبية الشرقية المقابلة للمدخل الكبير الرئيسي وقد تهدمت أغلب عناصره .

وبخصوص المقعد فهو عبارة عن مساحة مستطيلة تطل على الفناء ببائكة من أربعة أعمدة رخامية ذات زخارف دالية، ويتكون سقف المقعد من براطيم خشبية تحصر بينها مساحات غائرة على هيئة مربعات ومستطيلات مجلدة بالتذهيب وملونة باللون الأزرق وتشتمل على زخارف هندسية وأطباق نجمية وزخارف نباتية تتألف من زهور ووريدات مفصصة وأوراق نباتية ثلاثية ويوجد أسفل السقف إزار خشبي يحتوي على كتابات نسخية بآيات من سورة الفتح بينما نجد في إزار الناحية الغربية بقايا كتابات نسخية نصها .. “على أغا خازندار دار السعادة كان الله له سنة 1089 هجرية مطموسة الآن “، وفي جوانب الإزار ووسط كل جانب أيضا توجد مقرنصات زخرفية من الخشب.

فتح على المقعد ثلاثة أبواب تؤدي الى قاعات استحدثت أثناء استخدام القصر كمدرسة.

وهناك بعض القاعات التي شيدت بالمنطقة التي تعلو المدخل الرئيسي للقصر ولكن نظراً لكثرة التعديلات التي حدثت عليها والاستخدامات التي استخدمت بها أفقدتها أغلب عناصرها ولم يتبقى لنا سوى بعض الجدران الخالية.

وحاليا يقام في القصر العديد من الحفلات للاحتفاء بالموسيقى العربية، ويقام العديد من ورش العمل للأطفال كالرسم والغناء والنحت وبعض الندوات واللقاءات السياسية.

to top