الحدث – القاهرة
يشكل المجتمع الإيزيدي الموجود في شنكال\سنجار في شمالي غرب العراق من المجتمعات الكردستانية التي حافظت على هويتها الدينية والقومية رغم أكثر من 73 فرمان أو إبادة جماعية تعرض لها هذا المجتمع على يد العثمانيين و ولاتهم وغيرهم من الإسلامويين وأخرهم كانت داعش، ورغم كل المجازر والمصاعب ظلوا متمسكين بديناتهم التي تؤمن بالله الواحد الأحد والتي تشترك مع الزادشتية والميترائية وربما هي امتداد لهم والأديان السماوية بالكثير من القواسم والأخلاقيات الحميدة، رغم الكثير من الأكاذيب والقصص الوهمية والخزعبلات التي ساقها الداعشيون على مراحل التاريخ المختلفة عنهم بغرض إبادة الإيزيديين وتصفيتهم كونهم من أحد أهم الديانات الكردية القديمة التي عكست وعبرت عن مقاومة وإصرار المجتمعات في كردستان على الحفاظ على تراثها وتقاليدها وموروثها الروحي والفكري الغني والمتنوع أمام مختلف الظروف.
تعرض هذا المجتمع لظلم مضعف في مراحل التاريخ المختلفة لكونهم كرد ولكونهم لهم ديانة وإيمان مختلف عن السائدة في المنطقة ودولها.
في عام 2014 تعرض المجتمع الإيزيدي لإبادة جماعية (جنوسايد) على يد داعش كانت تهدف إلى تصفية هذه الديانة والمجتمع والقضاء عليه وإتمام ماكان يسعى إليه العثمانيين دوماً والمهم الإشارة إلى القوى التي تشاركت و أردات أن تقوم داعش بهذه الإبادة والتصفية ومنهم:
تركيا، لكونها كانت لها اليد الطولى في الموصل التي تتبع لها قضاء شنكال، حيث أن تركيا كانت على تنسيق مسبق مع العناصر الجهادية التكفيرية الإرهابية التي احتلت الموصل عبر قنصلها في الموصل الذي أفرجت عنه داعش بعد سيطرتها على محافظة الموصل. ولأن تركيا هي من حضرت وساعدت وطلبت من داعش الهجوم على الكرد وخاصة القضاء وإنهاء المجتمع الإيزيدي وتصفيته لكونه أحد اصول الشعب الكردي التاريخية.
حزب الديمقراطي الكردستاني ، لكونه كان يدير القضاء ويدعي حمايتها عبر إدارة وقوى من حزبه وليست من أبناء شنكال ، لقد انسحبت هذه القوى إلى أربيل ودهوك وجزء منها هرب إلى روج آفا(شمال سوريا) عبر مدينة جزعة على الطرف السوري وذلك دون أي قتال و دفاع عن القضاء و بل تم تركها وتسليمها فريسة للدواعش الذين أخذو أكثر من 5000 إمرأة إيزيدية كسبية ومتاع للمتعة والبيع والأجار بعد قتل الألاف من الرجال والنساء وفق دينهم ومذهبهم الإرهابي الذي ليس له علاقة بالإسلام وأخلاقه وسنة الرسول الحبيب عليه الصلاة والسلام والخلفاء الراشدين.
إدارة محافظة الموصل والأجهزة الأمنية والجيش العراقي المتواجد فيها الذي ترك مدينة الموصل للدواعش وبل ترك كل الأسلحلة والذخائر والعربات والدبابات لداعش في مشهد يوحي بالكثير من التساؤلات والغموض وربما التواطؤ والذي على اساسه قامت داعش بعد أسابيع من احتلال الموصل بالهجوم على شنكال.
ولقد شاءت الأقدار ومشيئة الله تعالي وبسواعد أبناء وبنات الشعب الكردي من قوات الدفاع الشعبي ووحدات المرأة الحرة-ستار(الكريلا) التابعين لحزب العمال الكردستاني والمكلفين بالحماية وبمنع وردع أي إبادة بحق الشعب الكردي في الأجزاء الأربعة من كردستان، أن لا يتم إتمام إبادة المجتمع الإيزيدي كما أراده البعض ، فلقد دافعوا عن شنكال وأهلها وأمنوا الطريق من شنكال إلى شمالي سوريا بالتعاون مع وحدات حماية الشعب وأنقذوا بذلك أكثر من 200 ألف من الإيزيديين في الوقت نفسه الذي ترك قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني والجيش العراقي أهالي شنكال وربيعة وغيرها من مناطق حول الموصل والموصل لداعش.
وهنا قامت قوات الدفاع الشعبي بتدريب وتعليم أبناء وبنات المجتمع الإيزيدي في الدفاع عن أنفسهم وعائلاتهم ومجتمعهم و تم تشكيل وحدات مقاومة شنكال(YBŞ) ووحدات المرأة في شنكال(YJŞ) وكذلك عمل القسم من المجتمع الإيزيدي والذي فضل البقاء والمحمي من قبل قوات الدفاع الشعبي في تنظيم نفسه وإدارة شؤونه و بناء قوات الأسايش أو الأمن الداخلي عبر بناء نظام الإدارة الذاتية للقضاء و التحضر لتحرير شنكال الذي تم في عام 2015 بدور رئيسي لقوات وحدات مقاومة شنكال ووحدات المرأة والأسايش الإيزيديين ومعهم مكونات المنطقة.
وفي عام 2018 أعلنت قوات الدفاع الشعبي ووحدات المرأة الحرة-ستار (الكريلا) الانسحاب من شنكال بعد أن تم تحرير القضاء بشكل كامل مع قراها واستقرار الوضع نسبياً و بعد أن أصبحت القوات الإيزيدية قادرة في الدفاع عن مجتمعها أمام هجمات داعش. لكن هذا الوضع والاستقرار النسبي لم يروق لتركيا وتابعه في أقليم كردستان العراق حزب الديمقراطي الكردستاني في أن يقوم المجتمع الإيزيدي بإدارة وحماية نفسه ذاتياً ضمن منظومة الدولة العراقية وحاولوا عبر مختلف السبل من منع استقرار وعودة النازحين إلى شنكال وبل أن حزب الديمقراطي الكردستاني عمد إلى منع الكثير من الإيزيديين وسجنهم وحتى إغرائهم في البقاء في مخيمات في منطقة سيطرة حزب الديمقراطي الكردستاني وعدم العودة للاستثمار السياسي فيهم واستغلالهم في الضغط عبرهم لتحقيق مكاسب سياسية واهداف تركية.
وتم عقد اتفاقية 9 أكتوبر عام 2020 والتي يسميها المجتمع الإيزيدي باتفاقية إكمال الإبادة وما بدأه داعش حيث أن هذه الاتفاقية تمت وفق وبعد الطلب والإلحاح التركي وحزب الديمقراطي الكردستاني وضغطهم على الحكومة العراقية ودون أية مراعاة لإرادة ومصالح المجتمع الإيزيدي الذي خرج لتوه من مجازر وإبادة جماعية ، حيث أن الاتفاقية تمنع على المجتمع الإيزيدي من إدارة شؤونه وحماية مجتمعه وبل تريد هذه الأتفاقية إرجاع من كانوا السبب في إبادة هذه المجتمع وتسليمه لداعش لإدارة شنكال وحمايتها، ولكن المجتمع الإيزيدي ومعه المجتمعات العربية في محيط شنكال رفضت وترفض هذه الاتفاقية وطالبوا بأن يتم تطبيع الوضع في شنكال وإعادة إعمارها وتطويرها بالتنسيق والتشاور مع الإيزيديين أنفسهم وخاصة أن مطالب المجتمع الإيزيدي هي حقوق طبيعية وهي تقوية للدولة العربية وتحقيق إنتماء لهذا المجتمع الأصيل والعريق والمسالم للدولة العراقية وتعزيز للوحدة بين أبناء البلد العراقي وإسهام هذا المجتمع في مسار الديمقراطية ومواجهة الإرهاب ضمن العراق.
وحصلت جولات عديدة بين الإدارة الذاتية لشنكال وجهات وأطراف الدولة والحكومة العراقية وقد تم الاتفاق على بعض الأمور لكن ظل حزب الديمقراطي الكردستاني وتركيا يحاولون الضغط وإفشال أي جهود للتسوية وتحقيق حل ديمقراطي وعادل للمجتمع الإيزيدي حتى لاتتكرر الابادات مرة ثانية بحقهم وهذا ممكن بأن يديروا الإيزيديون مجنمعهم ومناطقهم ويقومون بحماية أنفسهم ومناطقهم ومجتمعهم ضمن منظومة الدولة العراقية.
وقد قامت تركيا وعبر التواطؤ و المعلومات والتجسس الذي كان يقدمه عناصر حزب الديمقراطي الكردستاني بقتل العديد من قادة شنكال المدنيين والعسكريين الذين حاربوا داعش وأنقذوا الإيزيديين ومنهم القادة الشهداء زرادشت شنكالي وسعيد حسن ومروان بدل وزكي شنكالي وغيرهم من القادة الذين كان لهم دور كبير واساسي في إنقاذ المجتمع الإيزيدي ومحاربة داعش وهذا ما أكد مرة أخرى أن الإيزيديين بحاجة ماسة إلى تنظيم مجتمعهم وقوات حمايتهم الذاتية وتوافقهم مع الدولة العراقية ووفق الدستور العراقي الذي يسمح للمكونات والشعوب بإدارة أنفسهم وعبر صيغ مختلفة ومقبولة.
و في إطار مشروع العثمانية الجديدة واستهداف المنطقة وشعوبها بغرض إعادة أحياء العثمانية البائدة و بعد لقاء مسرور البرزاني وأردوغان بيومين ومع هجمات تركيا الأخيرة في ليلة 14 نيسان و17 نيسان على مناطق زاب وافاشين في مناطق الدفاع المشروع على الحدود العراقية التركية وبالتوافق مع حزب الديمقراطي الكردستاني وبعض القوى الدولية والإقليمية ، قامت بعض قطعات الجيش العراقي في يومين وتحت التأثير والضغط التركي وحزب الديمقراطي الكردستاني بمهاجمة بعض نقاط حماية المجتمع الإيزيدي ومحاولة احتلال هذه المواقع ، مما خلق توتر وأضطر المجتمع الإيزيدي في الدفاع عن نفسه وثم توقفت الهجمات وبدأت مرة أخرى اللقاءات والحوارات التي من الممكن أن تصل إلى حل يأخذ مخاوف المجتمع الايزيدي ومصالحه وخصوصيته وحمايته وحقه في إدارة مناطقه وحمايته بعين الإعتبار ضمن منظومة ودستور الدولة العراقية.
لكن لو رصدنا إعلام ومواقف قيادات الحزب الديمقراطي الكردستاني ومنهم من كان مرشحاً للرئاسة العراقية وتم رفضه من المحكمة العليا العراقية لقضايا الاختلاس والسرقة عندما كان وزيراً للمالية في الحكومة العراقية وتم حجب الثقة عنه من قبل البرلمان العراقي. سنجد أنهم يريدون ومعهم تركيا أن يكون هناك إتمام لما فعله داعش واخطاع الإيزيين واستعبادهم وكذلك يريدون حصول اقتتال وفتنة بين المجتمعات والشعوب العراقية التي لا يستفيد منها سوى تركيا وتسهيل احتلالها لإقليم كردستان العراق وكذلك لمحافظي الموصل وكركوك وحصار شمال وشرق سوريا لما لشنكال من أهمية استراتيجية لموقعها وكذلك لأهمية شنكال في وجدان وضمير المجتمع الإيزيدي والعالم الحر في العالم.
من الصحيح القول أن الهجمات على المجتمع الإيزيدي في شنكال و كذلك الهجمات على زاب وآفاشين وكذلك الهجمات والقصف التركي المستمر عل مناطق الشمالي السوري و المحاولات والهجمات التركية على الكرد في تركيا وكذلك تدخل تركيا واحتلالها لعدد من المناطق والأقاليم في الدول العربية ودول المنطقة وشعوبها والتدخل في شؤونهم يندرج تحت هجمات التوسع والتمدد في إطار إعادة العثمانية الجديدة واحتلال المنطقة والدول العربية وإن عبر مراحل وخطوات في مراحلها الأولى تتطلب وفقاً لسياساتهم خلق فتن واقتتال وصراعات بين الشعبين الكردي والعربي وتشتيت قوى المنطقة وإضعاف وحدة وتحالف وتكامل الشعوب ، وعندها لن يستفيد أحد من خلق هذه الصراعات والهجمات بين دول وشعوب المنطقة سوى من له مشاريع استعمارية و يريد الاحتلال والانقضاض على المنطقة وابتلاعها وخاصة تركيا والسلطة الحالية التي تبحث عن اي انتصار ولو وهمي حتى تذهب به إلى الانتخابات التي من الوارد أنها ستطيح بسلطة أردوغان وشريكه دولت بهجلي حيث أن أدوارهم الوظيفية ربما شارفت على الانتهاء ولذلك يظهر التوحش في سلوكياتهم إلى حد استعمال السلاح الكيميائي والمحرم ضد الشعب الكردي وقوات حريته والانعطاف 180 درجة عن سياساته وعلاقاته السابقة مع بعض دول المنطقة وإن بدى ظاهرياً وتكتيكياً.