الحدث – القاهرة – الكاتب والباحث السياسي: أحمد شيخو
ماتزال الدولة و السلطات التركية تهدد الاستقرار والأمن والسلام فيداخلها و محيطها في المنطقة والعالم، نتيجة ممارستها الإباداتالجماعية بحق شعوب ميزوبوتامياوالأناضول و الاستمرار في دعم داعش وجبهة النصرة وحركات الإخوان والقاعدة وغيرهم من حركات وتنظيمات الإسلام السياسي في المنطقة والعالموكذلك لدوام تدخلها في شؤون شعوب ودول المنطقة وخاصة الشعوب العربية والكردية والأرمنية وغيرهم وفي معظم الدول العربية واليونان وقبرص وكذلكتدخلها في العديد من المناطق والدول كما في دول وشعوب البلقان في القارة الأوربية وفيالقوقاز وأوسط آسيا في الدول التي تسميها تركيا “منظمة الدولالتركية“ ، إضافة إلى محاولاتها للتواجد والتأثير والاحتلال والنهب في دول القارة الأفريقية مع ضعف النفوذ الفرنسي والأوربي فيها مع سعي الصين وروسيا للتواجد فيها،وذلك رغم الاستعراضات الكلاميةوالاستدارات التكتيكية للسلطة التركية ومحاولات إعطاء الانطباعات الزائفة عن حقيقية التغيرات في السياسةوالاستراتيجية التركية لزوم رفع شعبية أردوغان المنهارة والمتدنيةوحزبي السلطة الحاكمة(حزب العدالة والتنمية(AKP) وحزب الحركة القومية التركية(MHP)) مع قرب موعد الانتخابات التركية في حزيران القادم و الذي يقول عنه الكثير من المراقبين أنها ستكون مفصلية و لن تكون سهلة ومريحة لأردوغان إن تم إجرائها وفق الحد الأدنى من الشروط والمعايير المعقولة والمقبولة ديمقراطياً.
من المهم فهم ومعرفة بنية وماهية الدولة والسلطة التركية الأداتيةالوظيفية و التي تجسد في حقيقتها صهيونية أناضوليةتركياتية قوموية فاشية قامت على إبادة الشعوب التي تشارك الاتراكمعهم العيش لمئات السنين عندما أتى الأتراك والأنساب التركية الأخرى من أواسط آسيا من مناطق جبال أورال آلتاي على حدود الصين ودخلوا الإسلامبغرض السرقة والنهب تحت اسم الغنيمة والحكم الإسلامي، بالإضافة إلى توافق الدولة التركية الحديثة أو “الجمهورية التركية” وتشكيلها كامتداد للصهيونية الإسرائيلية، فتركيا تشكلت بعد تخليها عن كل القيم التشاركية والتقاليد الديمقراطية والعلاقات التاريخية و التي سادت بينها وبينشعوب المنطقة وعلى رأسهمالشعب الكردي في مراحل تشاركهم ومحطاتهم التاريخيةوفي فتحهم للأناضول معاً في معركة ملازكرد عام ١٠٧١م إلى خوضهم حرب الاستقلال والبدء في بناء تركيا الحديثة، لكن الأتراك والنخبة التركية وخاصة جماعةوتنظيم الاتحاد والترقي، خانت التشارك والتعهدات و نضال حرب الاستقلال(١٩١٩-١٩٢٢) والميثاق المشترك والاتفاق الذي كان قبل وعند الحرب وتواطئ مع النفوذ اليهودي المؤثر وذهبت معها ومع علاقاتها الدولية الواسعة ومع الماسونية وفي سياقها في تشكيل الدولة التركياتية الفاشية ذات القومية الدولتية التركية الواحدة فقط، وهكذا تشكلت تركياالجمهورية كدولة يهودية بدئية من رحم الإمبراطورية العثمانية وبيروقراطيتها العثمانية المتضخمة والتي تسللت وتوغلت فيها عدد كبير من اليهود القادمين من أسبانيا نتيجة توافق تاريخي مخفي حتى اليوم بين ملوك وأباطرة أسبانيا والسلاطين العثمانيين في القرن الخامس عشر، بأن يتم سقوط أندلس وخروج المسلمين واليهود و صمت وعدم مساعدة العثمانيين لهم مقابل أن تسقط القسطنطينية ويدخل ما يسمى السلطان العثماني محمد الثاني إليها والذي تم تسميته بعدها بالفاتح كذباً ونفاقاً، فالعملية كانت إسطنبول مقابل الأندلس ولو بعض حين ورغم وجود سنوات بين الحادثتين، مع إشارة بعض المؤرخين إلى زيادة القدس وفلسطين للاتفاقية والتبادل بين أسطنبول والأندلس فيما بعد مع ضعف العثمانيين وخوفهم من خسارة أسطنبول مقابل الأوربيين والعالم المسيحي الصاعد والمتوحد مع النفوذ اليهودي المؤثر فيه، في أنهم تخلوا عن القدس وفلسطين زيادة على الاندلس مقابل الحفاظ على أسطنبول.
ليبيا:
وكأنها تزور أحد ولاياتها ومحافظاتها، قامت السلطات التركية ومع زيارة وفدها الرفيع والضخم إلى العاصمة الليبية فيمشهد دعائي واستفزازي وفي حالة تجاوز و اعتداء سافر على السيادة ووحدة الأراضي الليبيةواستقرارها الداخلي والتحكم بموارد شعبها وتهديد جيرانها،بتوقيع عدة اتفاقيات مع حكومة الدبيبة المنتهية ولايتها وصلاحيتهافي غرب ليبيا في العاصمة طرابلس٫ رغم جملة الاعتراضات والرفض الذي ظهر من الشعب والداخل الليبي نفسه، كموقفمجلس النواب الليبي ورئيسه عقيلة صالح في مدينة طبرق الموجودة في شرق ليبيا وموقف حكومة باشاغا الموازية لحكومة الدبيبة في الشرق والتي نالت موافقة مجلس النواب سابقاً، علاوة على رفض قسم من مجلس الدولة وحتى من جزء من المجلس الرئاسي الليبي المتواجدين في غرب ليبيا، إضافة للمواقف الرافضة والمنددة والمستفسرة عن مزيد من الوضوح و التي ظهرت من اليونان ومصر والعديد من المواقف الدولية كالخارجية الأمريكية والألمانية والاتحاد الأوربي وغيرهم. ومن الهام الإشارة إلى أن ذهاب جميع الأطراف الليبية إلى تركيا بما فيها المحسوبة على الدولة العربية من شرق ليبيا أعطى لتركيا المبادرة لهذه الاتفاقيات، ويقال أنه في ذهاب باشاغا الأخير إلى تركيا تم تهديده من قبل نائب مستشار المخابرات التركية وتحذيره من دخول العاصمة مرة أخرى في الوقت الذي تم فيه التنسيق مع الدبيبة وبناء علاقة السيد بتابعه وبعبده وتأجير ليبيا وبيعها لتركيا وخاصة قبل الانتخابات التركية لمساعدة حزب العدالة والتنمية وأردوغان مقابل مساعدة الدبيبةفي الوجود على سدة الحكم في طرابلس.
إن دلالة هذه الاتفاقيات المبرمةوالمستكملة للاتفاقيات التي تمت في عام ٢٠١٩ ، هي تأكيد علىاستمرار الأزمة الليبية وخلق مزيد من التناحر الليبي الداخلي وفرض التقسيم و تعزيز ودوام وتثبيت الاحتلال التركي وتواجد جيشها ومرقزقتها وإرهابييها في غرب ليبيا الذين بدأت تركيا بزيادتهم و بجلبهم مرة أخرى بعد الاتفاقيات المشوومة. وللاتفاقية أيضاً دلالة لووضع تركيا يدها على الثروات والموارد الليبية و التحكم بقرار الحكومة الليبية في طرابلس ومنع أية تسوية سياسية في ليبيا أو أية استحقاقات انتخابية لا تلبي مصالحها واحتلالها، رغم كل الاعتراضات والمواقف العربية والدولية الرافضة، حيث تتخذ تركيا من غرب ليبيا كقاعدة أساسية للتدخل في شمال أفريقيا ومعظم الدول الإفريقية والضغط على الدول العربية المحورية وكذلك تتخذ تركيا من غرب ليبيا قواعد عسكرية لتدريب مجموعات إرهابية من عدة دول عربية وإفريقية ومنها داعشتحت اسم تدريب قوات الأمن والجيش الليبي مثلما أشار إليه وزير الدفاع التركي بوجود خمسة قواعد تدريب تركية في غرب ليبيا، والملاحظ أن توقيت الزيارة والاتفاقيات هي بعد فشل فتحي باشاغا رئيس “حكومة الوحدة الوطنية” أو الحكومة الموازيةوالمحسوبة على الدول العربية في الدخول والسيطرة على العاصمة طرابلس بسبب مساندة الطائرات المسيرة التركية للقوات والمجموعاتوالمليشيات المحسوبة على حكومة الدبيبة، على رغم أن فتحي باشامن مدينة مصراتة في غرب ليبيا وهو أيضاً له علاقات مع تركياوالسلطة التركية وكان وزير الداخلية في حكومة السراج التي جلبت تركيا بجيشها ومرتزقتها إلى ليبيا وهو كان منسق التوافقات التركية الليبية حينها، لكن ربما تواصله مع شرق ليبيا والدول العربية أفقده الحظوة لدى أردوغانوتركيا. وكما أن الاتفاقات المبرمة حديثاً هـذه آتت بعد أيام على خروج وزير الخارجية المصرية من أخر اجتماع لوزراء الخارجية للجامعة العربية عندما اعتلت وزيرة خارجية حكومة الدبيبة نجلاء المنقوش رئاسة الجلسة، لكون حكومة الدبيبة فاقدة للشرعية بعد انتهاء مدتها الممنوحة لها عندما تشكلت كحكومة مؤقتة ونالت الشرعية الأممية لإجراء انتخابات لم تقم بعملها رغم انقضاء المدةوفق التصور والكلام المصريواليوناني والليبي المعارض لحكومة الدبيبة.
ومن خطورة هذه الاتفاقيات ومجالاتها في الطاقة والأمن والأعلام أنها تشكل تهديد وخطورة مباشرة على مصالح الدول العربية في شمال أفريقيا والبحر الأبيض المتوسط، كما أنها تشكل خطورةوتهديد مزدوج وهي ضد مصالح اليونان وقبرص وتجاوز لسيادتهما ومياههما الإقليمية وكما أنها اعتداء وخرق وتجاوز على الاتفاق والترسيم البحري اليوناني والمصري والمصدق من برلماني البلدين والمسجل في الأمم المتحدةوكذلك يشكل تهديد على استراتيجية منتدى غاز الشرق المتوسط الذي مقره في القاهرة، والذي يشكل معادلة إقليمية ودولية لأهميته و يشترك فيه إسرائيل ومصر مع عدة دول منها فرنسا وإيطاليا والأردن والإمارات والسلطة الفلسطينية وقبرص واليونان بالإضافة إلى أمريكاوالاتحاد الأوربي كمراقبينبالإضافة إلى كونه أهم مصدر للغاز بعد الحرب والأزمة الأوكرانية.
المفارقة أنه ورغم العلاقة الجزائرية مع تركيا ووقوف الجزائر مع قوات وسلطات غرب ليبيا، إلا أن هذه الاتفاقيات وخاصة في مجال الطاقة تضر بمصالحها ومواردها واستراتيجيتها في مجال الطاقة فتركيا تعمل على مد الأنبوبالغازي النيجيري وغيره من غاز الدول الإفريقية وأنابيبها إلى أوربا عبر ليبيا وعبر مناطق حكومة الدبيبة وليس كما كان يريده الجزائر عبر الأراضي الجزائرية أو حتى عبر بعض الأراضي المغربية، فالسلطة والدولة التركية لا تلتزم بأية إلتزامات أو تعهدات أو اتفاقيات إلا ما يتوافق معها ومع عثمانيتها الجديدة في المنطقة العربية، مع استمرار خداع البعض بها مع استغلالها واستعمالها الدين الإسلامي والقضية الفلسطينية لتحقيق مصالحها وزيادة نفوذها وتأثيرها في المنطقة والإقليم وبين الشعوب العربية والمسلمة، ولكن اختلاف الأولويات لدى الدول العربية في ليبيا وتواطؤ بعضهم مع تركيا وسكوتهم عليهاوعلى احتلالها في سوريا وليبيا،أعطى لها المجال الواسع للتدخل دون اكتراث لمواقف الدولة العربية والجامعة العربية الرافضة شكلاً ونظرياً وليس واقعاً وفعلاً. و لقدتعمد الاتراك إلى توقيع هذه الاتفاقيات مع ذكرى الـ١٠٠ لاتفاقية “أوشي” بين العثمانيالبائدة وإيطاليا والتي بموجبها تخلت العثمانية عن ليبيا لإيطاليا وفي هذه رسالة لمن يريد فهم العثمانية الجديدة وعقلية السلطة التركية في رغبتها في إعادة أمجادها البائدة.
سوريا:
وفي سوريا، ومع استمرار مسار آستانة المحقق لمصالح تركيا وإيران وروسيا على حساب الشعب السوري وحريته ووحدة أر اضيه وسيادته، ورغم الضغط الروسي والموافقة الإيرانيةالمشروطة والتصريحات الغزليةالصادرة عن أردوغان والسلطات التركية لبشار الأسد والمضادة للتواجد الأمريكي والتحالف الدولي لمحاربة داعش في شمال وغرب سوريا وبالإضافة إلى اللقاءات المستمرة بين الاستخبارات التركية واستخبارات السلطة أو النظام في دمشق، إلا أن الاحتلال وإجراءات التغيير الديموغرافي والتتريكوتمهيد التقسيم وضم الأراضي السورية لتركيا، بالإضافة إلى حالات الاعتداء والقصف بالمسيرات والمدافع والطائرات الحربية التركية وقتل المدنيين وتصفية كل عوامل الاستقرار في شمالي سوريا مستمرة وبكثافةوبل زادت وتيرتها وزخمها مع الكلام عن الاستدارة التركية والمصالحة بين السلطات في تركيا والنظام السوري، مع حالة من الخوف والقلق والارتباك والهروبالذي ظهر بين الأدوات التركية من ما تسمى المعارضة السورية من الإئتلاف والمجموعات الإرهابية من ما يسمى بـ”الجيش الوطني السوري“ الإنكشاري المرتزق لتركيا واستخباراتها ولحزب العدالة والتنمية. وكما زادت العنصرية في تركيا تجاه السوريين حتى أصبح الكثير من اللاجئين السوريين والعرب يخافون ويتجنبون الكلام باللغة العربية مع قيام السلطات التركية بإرجاع عدد من اللاجئين السوريين والمتواجدين في تركيا قسراً وبالإكراه إلى سوريا بدون عائلاتهم.
ومن المفيد الإشارة أن تركيا عينها على حلب وكامل الشمال السوري كخطوة أولى ثم التمدد والوصول لدمشق وذلك حسب الظروف والشروط المتاحة، ولكي لا يتأثر التفاعل التركي الأردوغاني مع الأزمة السورية سلباً على أردوغانفي الانتخابات، يسعى أردوغانإلى الكثير من الحيل ومحاولة إخراج ورقة اللاجئين السوريين من يد المعارضة والإيهام للداخل التركي أنه يحاول فعل كل ما هو متاح وممكن لإخراج السوريين وتقليل تأثيرهم السلبي على الاقتصاد التركي، علماً آن السلطات التركية استفادت من الأزمة السورية اقتصادياً بشكل كبير ولقد جعلت من اللاجئين السوريين مادة وساحة للكسب وللضغط على الأوربيين ودول العالم والحصول على المال والتنازلات السياسية منهم لصالح السلطات التركية.
من الممكن أن يتجار أردوغانببعض رؤوس الإخوان لديه وببعض مرتزقته ومسلحيه من ما يسمى “الجيش الوطني السوري“وبوسائل الإعلام الإخوانية المتواجدة لديه، فمن تخلى عن رفاقه كعبدالله غول وأحمد داؤود أوغلو وفتح الله غولن، لا يستبعد أن يتخلى عن بعض الأشخاص من المعارضة السورية المرتهنة لتركياويزيد تنسيقه الاستخباراتي مع نظام دمشق لضرب أي عدو مشترك محتمل وفق تصورهم السلطوي الدولتي وخوفهم من أي مشروع وطني ديمقراطي سوري كمشروع الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية وهو المشروع الوطني الوحيد الباقي للشعب السوري و هو الأمل لتحقيق تسوية وطنية وديمقراطية داخلية وذاتية سورية وفق نظام لامركزي تعددي ومجتمع سوري ديمقراطي بريادة المرأة الحرة والشباب المنظم والواعي، لكن مادامت تركيا تحتل أراضي سورية فكل خزعبلات وتصاريح أردوغان وقادة حزبه وغزله لبشار وأسماء وحتى زياراته لبعض الدول العربية هي لأجل استمرار الاحتلال وتحسين الاقتصاد والمرور بسلاسة من الانتخابات وعودته مجدداً للحكم وبعدها سيرجع إلى توغلاته واحتلالاته وكل سياساتها السابقة والسلبية تجاه سوريا والمنطقة،ومن يثق بأردوغان بعد كل هـذه السنين والتدخلات ودعمه للإرهاب وعلى رأسها داعش والنصرة وتدخله واحتلاله فهو يستحق أي يفعله به أردوغان أي شيء .
العراق:
أما في العراق، فتركيا تتفاعل علىالمستوي الأمني والاقتصادي بشكل كبير، فالدولة والسلطات التركية تعتبر العراق وخاصة الشمال بما فيها مدينة الموصل وكركوك و إقليم كردستان العراقجزء منها وفق التصور التركي ومشروعها الميثاق الملي الذي يعتبر شمالي العراق مع شمالي سوريا أراضي تركيا أخذ منها وعليها العمل إرجاعها، وتركيا فعلياً وعبر أدواتها من حزب الديمقراطي الكردستاني والجبهة التركمانية وبعض السنة وخاصة التيار الإخواني٫ تعمل على تمكين نفوذها السياسي والاستخباراتيوالاقتصادي في بغداد بشكل كبيروفي كل شبر من باشوركردستان(إقليم كردستان العراق) وحتى وصلت لحد قتل أي ناشط أو سياسي أو أكاديمي كردي أو عراقي يخالف ويعترض على الاحتلال والسياسات التركية كما حصل قبل أيام مع الكاتبة والباحثةوالمناضلة ناكهان أكارسال وقبلها مع الكثيرين علماً آن كل القتلة يهربون إلى هولير(أربيل) بعد تنفيذهم لعمليات الاغتيال و التي تحولت إلى قبلة للقتلة و ولاية عثمانية على يد بيت البرزاني المحسوبين على تركيا والذين يسهلون ويشاركون الاحتلال التركي ويساعدونها في حربها وقتلها وإبادتها للشعب الكردي و لحركة حرية الشعب الكري ولقوات الدفاع الشعبي(الكريلا). ومن الصحيح القول أن تركيا وإيران يتفقون في العراق على إفشال أي تواجد ونفوذ عربي في أي مجال كالاقتصاد والطاقة والتجارة والسياسة ويعملون على تقسيم العراق وسوريا بينهم وبالتالي القضاء على أي علاقة عربية-كردية تكون مقاومة ورافضة لهما ولاحتلالهما وحافظة لاستقلالية القرار والإرادة العراقية الوطنيةوالسورية الوطنية.
وكما تتدخل تركيا في العديد من الدول العربية وبوسائل وأدوات مختلفة وتحت اسم المنظمات الإنسانية والإغاثية مثل (تيكا و IHH) وغيرها ومؤسسة ديانتالتركية والأئمة التي تبعثها تركيا إلى دول العالم وبدعة الملحق الديني في سفارات تركيا، ومن يرصد التدخل و التوغل التركي سيلاحظة بسهولة وبشكل متزايد، كما في لبنان والصومال وقطر وجيبوتي وتونس والجزائر والمغرب واليمن و موريتانيا وغيرهم بالإضافة إلى العديد من الدول حول لعالم. والجدير بالذكر أن هناك أربعة دولة عربية تحفظت على قرار إدانة الجامعة العربية للتدخل التركي في ليبيا وسوريا والعراق بتاريخ ٦ أيلول وهم قطر، ليبيا-حكومة الدبيبة، الصومال وجيبوتي.
اليونان وقبرص:
وفي قبرص واليونان، احتلت تركيا شمالي قبرص منذ ١٩٧٤ أمام أنظار الناتو والاتحاد الأوربي،وهي تعمل الآن على طرح نموذج الدولتين وتقسيم قبرص وضم القسم الشمالي لتركيا، وبل تزايدت حالة العداء والفاشية التركية ورغبتها في احتلال الجزر اليونانية مع قرب الاستحقاق الانتخابي في تركيا في شهر حزيران القادم وزادت تركيا من وجودها العسكري في شمالي قبرص وفي مناطق التماس مع الجانب اليوناني، وذلك لرفع منسوب الفاشية ومستوى العنصرية لرفع ورفد شعبية أردوغان المتدهورة والمتدنية مع فشل سياسات السلطة التركية في الداخل والخارج في كل المجالات الاقتصادية والمالية والسياسيةوالخارجية، إضافة لحروب الحكومة التركية المستمرة ضد شعوب ودول المنطقة لأجل البقاء في السلطة والحكم. و ما زاد من هوس وخوف أردوغان هو :
القوقاز وآوسط آسيا:
وأما في جنوب القوقاز وشماله وآوسط آسيا والنفوذ والتواجد التركي وتشكليها عامل عدم الاستقرار وفوضي وحروب مستمرة كما في آرتساخ(ناكورني قرباخ)بين أزربيجان وأرمينيا وكذلك في الاشتباكات بين قرغيزستان وطاجكستان وكذلك في معظم دول الاتحاد السوفيتي السابقة، فتركيا ومن منطور الأصول واللغات والأنساب المتشابهةوالميراث والعثمانية الجديدة، تحاولوعبر مجموعة دول ما تسمى“منظمة الدول التركية” المكونة من أزربيجان، كازاخستان، قيرغيزستان، أوزبكستان وطاجكستان وتركيا و شمالي قبرص من بنائها كإمبراطورية عثمانية جديدة وحالة تشكيل مسار خادم وتحت اشرف وهيمنة النظام العالمي المهيمن وحلف الناتو بقيادة أمريكا وإسرائيل لضرب وإضعاف روسيا والصين وإيران في حال موافقة النظام العالمي على الأهداف التركياتية القومية الفاشية ورغبتها في الاعتماد على تركيا في تقسيم روسيا الاتحادية وتهديد الصين ومساعدة الأيغور وتدريبهم،ومساعدة إسرائيل وأمريكا في ضرب إيران وتأمين مواقع للإسرائليين ولراداراتهم في أزربيجان وأفغانستان وعلى الحدود الإيرانية مباشرة.
لكن هذه الساحة و التي تشكل العمق الاستراتيجي لروسيا الاتحادية لن تقبل روسيا بهذه الأعمال التركية وخاصة مع وجود مجموعة دول “منظمة معاهدة الأمن الجماعي“ بقيادة روسياكناتو مصغر بقيادة روسيا في آواسط أسيا والقوقاز، ولعل التدخل السريع لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي في كازاخستان سد الطريق أمام التدخل التركي وبعثبرسالة لمن وراء تركيا أن أمن هذه الساحة من أمن روسيا مباشرة كما هي شرق أوكرانيا وأكثر.
البلقان:
وفي البلقان مثل ألبانيا، كوسوفو، البوسنة والهرسك، صربيا، سلوفينيا، كرواتيا والجبل الأسود، فإن الاشتباكات الأخيرة والتي حصلت بين صربيا وكوسوفو وغيرها العديد من المشاكل والتدخلات التركية وعبر استعمال الدين الإسلامي والمسلمين في هـذه الدول هي ربما لإرضاء روسيا وأمريكا معاً ولإرسال رسائل للطرفين بأن لتركيا نفوذ وتأثير قوي في دول البلقان والتي كانت تركيا العثمانية تحتلها لقرون والتي تم طردها منها على يد السلالات والإمبراطوريات النمساوية وسلالات هابسبورغ وبدعم من الإمبراطورية الرومانية المقدسة ومملكة المجر وهابسبورغ أسبانيا،إلى أن وصلنا للحرب وهروب العثمانيين من البوسنة في١٨٧٨ وكذلك طرد العثمانيين من جزيرة القرم والقوقاز أمام روسيا القيصرية واستسلام العثمانيون للتقسيم تحت معاهدة سيفروانتهاء الحرب العالمية الأولى وكذلك استسلام الإمبراطورية النمساوية المجرية للتقسيم تحت معاهدة سان جرمان عام ١٩١٨.
لكن تركيا وخاصة السلطة الأردوغانية الإسلاموية تريد الاستثمار في هذه الساحة وخلق أذرع دينية سياسية ونقاط توتر للضغط على هذه الدول كما هي بعض الدول الأوربية للابتعاد عن مساندة النضال الكردي الحر والديمقراطي وعدم استفادة الكرد من مساحة الحرية في الديمقراطية في هذه البلدان التي تحمل ذاكرة سلبية عن العثمانية والتي تتعرض لاستفزازات أردوغان بسبب موضوع اللاجئين بشكل مستمر.
كيفية التدخل والاحتلال التركي:
لكن من الذي سمح لتركيا بهذه التدخلات في كل هذه الشعوب والبلدان والمناطق في المنطقة وحول العالم، لاشك أن وجودها في حلف الناتو ودورها الوظيفي فيه ولبوسها السني الإسلامي وتوافقها مع المشروع الإيراني الصفوي الكيروسي(ولاية الفقيه-الشيعة القومية) والمشروع الإسرائيليوأيضاً عدم وجود علاقات وتحالفات قوية وكافية و مضادة ورادعةللتدخلات التركية بين المتضررين والمستهدفين من السياسات والممارسات التركية على المستويات الشعبية والمجتمعية والرسمية، وكما أن عدم فهم الكثيرين لماهية الدولة والسلطة التركية وذهنيتهاالعثمانوية أيضاً ساهم في إضعاف الجبهة المضادة لتركياوفتح المجال أمامها.
ومن المفيد القول أنه لو تم وقف تركيا عن إبادة الأرمن والسريان ومحاسبتها لما استطاع بعدها ومنعام 1925 البدء بإبادة الكرد ولو تم ردع تركيا ومحاسبتها عن جرائمها بحق الكرد، لما تدخلت تركيا في شوون الدول العربية مع أحداث الربيع العربي وهكذا تتوالى. فالعقلية والذهنية التركية الدولتيةالقومية الفاشية وسلوكها المنحرف والشاذ والمسبب لحالات الإبادة الجماعية مازالت كما هي وهي عقلية الاتحاد والترقي التي أعدمت العشرات من المفكرين والمثقفين والسياسيين العرب في دمشق وبيروت في ٦ آيار عام ١٩١٦وهي التي قتلت الأرمن وأبادتهم وهي التي قتلت وتقتل إلى اليوم كل ما يمت للكردياتية بصلة وهو السلوك المنحرف والمجرم الذي قام بأول عمليات التغيير الديموغرافي بطرد اليونانيين والروم والأرمن والكرد من آرضهم وثم طرد كافة الشعوب الأخرى ومحاولة تتريك مناطقهم، كما تفعل الآن في شمال سوريا وشمالي العراق وستفعلها في الدول الأخرى إن لم يتم ردعها وإيقافها عن حدها بالطرق الصلبة التي تفهمها.
النتيجة:
مهما حاولنا شرح التدخلات الخارجية التركية وسياسات السلطة الحالية ومشروعها العثمانية الجديدة وأدواتها الإرهابية وألياتها المتجاوزة للقانون الدولي، يبقى النقطة الهامة والجوهرية في كل سياسات واستراتيجيات الدولة والسلطات التركية هي القضية الكردية وكيفية توظيف كل العلاقات والتدخلات الخارجية لضرب نضال حرية الكرد والسياق الديمقراطي والمجتمعي الحر الذي بناه القائد والمفكر عبدالله أوجلان والمستند للتعايش المشترك بين الشعوب وللحلول الديمقراطية للقضايا الوطنية وللمجتمع الديمقراطي بريادة المرأة الحرة والشباب الواعي والمنظم والثورة البيئية وليس البحث والدخول في أنفاق الدولتية المظلمة وزيادة أجهزتها السلطوية القمعية وتقاسمهم.
وعليه من يفكر ويبحث في طرق وسبل إيقاف مشروع العثمانية الجديدة واستهدافاتها وتدخلاتها وتشكليها التهديد على الأمن القومي لشعوب ودول المنطقة والعالم، عليه أن يفهم أولاً مركزية التحرك والتدخلات التركية الخارجية والمتعلقة أساساً بالشأن الداخلي التركي بالقضية الكردية وحقوق الشعب الكردي في حماية و إدارة نفسه وأرضه وثرواته،والقفز من فوقها والعمل لتصفيتها،كما يظهر من كل مطالبات تركيا وأردوغان من أمريكا والاتحاد الأوربي وروسيا وكل دول العالم بأن يقفوا معه ومع تركيا في استهدافهم للشعب الكردي ونضال حريتهم وأن ينظروا من العدسة التركية للشعب الكردي ولشعوب المنطقة، كما ظهر مع توسع حلف الناتو شرقاً ومحاولة انضمام فنلندا والسويد، ومع الأحداث في سوريا والعراق.
وهكذا يتبين أن أحد المعوقات والسدود المانعة أمام توسع وانتشار العثمانية بشكل كامل وتام هو النضال الذي يخوضه الشعب الكردي ومنظومته المجتمعية الكردستانية الديمقراطية بريادة القائد أوجلان وحزب العمال الكردستاني في كردستان وبأجزائها الأربعة رغم الصمت والتواطؤ الدولي والإقليمي والمحلي على الهجمات والعمليات العسكرية التركية في باكور كردستان( جنوب شرق تركيا) وباشور(إقليم كرستان العراق) و روج أفا (شمالي سوريا) وعلى قوى روج هلات (شرق كردستان-غرب إيران) المتواجدة في باشور،بما فيها الهجمات باستخدام الأسلحة المحظورة كالنووية التكتيكية والأسلحة الكيميائية ضد مقاتلي الحرية الكريلا والمدنيين الكرد في إقليم كردستان العراق.
حاولت بعض دول المنطقة والعالم والمستهدفة من تركيا من تجنب التصعيد مع تركيا ومسايرتهاوالسكوت على تدخلاتها وبل قدم البعض عدد من التنازلات لها عسى أن تكف بلائها وبلطجتهاوزعرنتها عنهم، ولكن دون فائدة وهناك من حاول البحث في القوانيين الدولية والأمم المتحدة لتحذير وتنبيه السلطات والدولة التركية من تدخلاتها ودعمها للإرهاب لكنها أيضاً كانت دون فائدة، و تحاول السلطات التركية دوماً إفشال أية تكتلات دولية أو شعبية ضد تدخلاتها عبر بث الفتن والفرقة وعبر عدد من التنازلات الشكلية والاستدارات التكتيكية المؤقتة لبعض الأطراف كما تحاول أن تفعلها مع عدد من دول المنطقة والعالم، لكن الثابت والظاهو أن لا أحد يثق بالسلطة التركية بعد تدخلاتها ودعمها للإرهاب وسقوط القناع عن وجهها العثمانيالإرهابي القذر مع أحداث المنطقة والعالم في السنوات العشرة الأخيرة وعدم التزامها بأية تعهدات أو التزامات.
كما تطلَّب هزيمة النازية من وجود تحالف دولي قوي وكبير لردعها ولمكافحتها وهزيمتها وثم محاكمتها، وكما تطلَّب هزيمة داعش وجود تحالف دولي لمحاربتها وهزيمتهاوكان الفضل الأول فيها للشعب الكردي والمقاتليين الكرد الذين حرروا وأسقطوا عاصمة خلافة داعش المزعومة مدينة الرقة السورية، فكذلك يحتاج ردع تركياوأردوغان ووقف تدخلاتها واحتلالهاودعمها لداعش والقاعدة والإخوانومشروع العثمانية الجديدة والوطن الأزرق الاستعماريين إلى تحالف دولي وإقليمي مع الشعب الكردي ومقاتلي الكريلا وقوات سوريا الديمقراطية وقوات تحرير عفرين، الـذين يدافعون حالياً عن كلسوريا والعراق و المنطقة والعالم وشعوبها ومجتمعاتها في وجه المشروع الاستعماري الاحتلالي “العثمانية الجديدة“(الصهيوتركياتية) الذي يستهدف كل المنطقة والعالم وشعوبها ومجتمعاتها ويدعم داعش والقاعدة والإخوان كأدوات ومرتكزات لها في كل مكان من العالم وتحت حجج واسماء مختلفة ومتعددة و الذي يشكل جزء من مشروع نظام الهيمنة العالمي الرأسمالي الاحتكاري.