أستانا: عماد الأزرق
أكد نائب وزير خارجية كازاخستان رومان فاسيلينكو، أن بلاده تتجه إلى نمط ديمقراطي يميل إلى وجود برلمان قوي، وذلك من خلال انتخابات مجلس النواب والمحليات التي أجريت أول أمس الأحد، والتي جاءت في أعقاب انتخابات مجلس الشيوخ التي عقدت في يناير الماضي، وفقا لخارطة الإصلاحات السياسية التي وضعها الرئيس قاسم جومارت توقاييف في شهر مارس من العام 2022.
وتناول فاسيلينكو في لقاء معمق وموسع العديد من الموضوعات في مقدمتها الانتخابات البرلمانية والمحلية الكازاخستانية والإصلاحات السياسية، والوضع الداخلي، والحرب الروسية – الأوكرانية، والأثار الاقتصادية البالغة لتفشي فيروس كورونا “كوفيد – 19” والحرب الأوكرانية، والعلاقات الكازاخستانية مع روسيا وأوكرانيا، والخطط المستقبلية لتعزيز الاقتصاد في بلاده، وكذا عدد من الموضوعات الدولية المختلفة.
– الإصلاحات السياسية والانتخابات البرلمانية
قال نائب وزير خارجية كازاخستان رومان فاسيلينكو، إن انتخابات مجلس النواب والمحليات تعتبر المرحلة الأخيرة من حزمة الاصلاحات السياسية المتعددة التي سبق وأعلنها الرئيس توقاييف في 16 مارس من العام الماضي بعد أحداث العنف في يناير من العام الماضي، والتي تستهدف تقوية الوضع الداخلي، وزيادة التماسك الشعبي من خلال خارطة إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية، مشيرا إلى أنها تضمنت اصدار نحو 10 قوانين جديدة حول الانتخابات والأحزاب السياسية والمعارضة والاجتماعات السلمية وغيرها.
ولفت فاسيلينكو أن ذلك لا يعني أن هذه الانتخابات هي النقطة الأخيرة في الإصلاحات السياسية، ولكن سوف تتوالى مبادرات تطوير الحياة السياسية والبناء على ما يتم مرحليا، مشيرا إلى أن توقاييف سيعلن الشهر المقبل حزمة إصلاحات جديدة تشمل إجراءات سياسية واقتصادية واجتماعية
وأضاف أن الإصلاحات السياسية جاءت من رأس السلطة سعيا لتغيير المناخ السائد والاتجاه لتأسيس نمط ديموقراطي أكثر يميل إلى وجود برلمان قوي وفاعل ومؤثر، مشيرا إلى أن توقاييف قرر في اطار هذه الإصلاحات تعديل نحو ثلث الدستور فتم تغيير 33 مادة بالدستور.
وتابع قائلا “نسعى إلى تحقيق إرادة الشعب عبر الانتخابات وتوفير التمثيل الأفضل والمعبر عن الشعب، لذا قمنا بتغيير النظام الانتخابي وقدمنا تسهيلات كبيرة للغاية سواء لتأسيس الأحزاب أو للمشاركة بالانتخابات سواء على المستوى الحزبي أو الفردي لتشكيل مجلس النواب المكون من 98 عضوا، أو حتى على مستوى الناخبين والتيسير عليهم للإدلاء بأصواتهم لضمان أكبر مشاركة ممكنة.
وأوضح أن مجلس النواب الجديد سيكون لديهم برنامج مزدحم من القوانين الجديدة حتى نهاية العام الجاري، التي ينبغي عليهم دراستها جيدا وإقرارها واصدارها، من بينها العديد من القوانين الخاصة بالضرائب والاستثمار والعمل وغيرها لتشجيع مناخ الاستثمار في البلاد وجذب المستثمرين المحليين والأجانب لإقامة المشاريع بمختلف أحجامها وأنواعها في البلاد، لافتا إلى أنه سيكون هناك تنسيق وتوزيع للأدوار بين مجلس النواب ومجلس الشيوخ، متطلعا إلى تفعيل أدوارهم بشكل كبير خاصة وأن الأحزاب والأعضاء بمجلس النواب جدد بنسبة كبيرة.
– الوضع الاقتصادي
وشدد المسئول الكازاخستاني على أن العالم بما في ذلك بلاده مرت بظروف صعبة للغاية خلال السنوات الثلاث الأخيرة نتيجة الأثار السلبية لتفشي فيروس كورونا “كوفيد – 19” على الاقتصادي الدولي، منوها إلى أن كازاخستان تأثرت بشدة خاصة وأن الحرب الأوكرانية أعقبت مباشرة أزمة كورونا، مؤكدا أنه على الرغم من ذلك فإن كازاخستان حققت العام الماضي معدل نمو إيجابي بلغ 3% وتستهدف أن تحقق العام الحالي 4%.
ونوه إلى أن هذه الظروف الصعبة للاقتصاد الدولي جعلت هذه السنوات الثلاث بالغة الصعوبة على المواطنين في كازاخستان وأدت إلى ارتفاع أسعار السلع والمواد المختلفة بشكل كبير، مشيرا إلى أن الحكومة والشعب يعولان كثيرا على مجلس النواب الجديد في أن يتعاون مع الحكومة بشكل وثيق في تجاوز هذه الأزمة، وتوفير حياة أفضل للشعب بما يلبي طموحاته.
وفيما يتعلق بالأموال المهربة للخارج، قال فاسيلينكو “نعمل الأن على استعادة الأموال التي سرقت وخرجت إلى الخارج بطرق غير شرعية، للعمل مجددا بكازاخستان وذلك حتى نبني علاقات متساوية بين جميع المواطنين وتوفير حياة أفضل للشعب وتحقيق أحلام البسطاء منهم.
– الحرب الأوكرانية- الروسية
أعرب نائب وزير خارجية كازاخستان أن تتوقف الحرب الروسية – الأوكرانية نظرا لتأثيراتها الواسعة على كل دول العالم، مشددا على أن كازاخستان تتعامل مع روسيا وأوكرانيا على نفس المستوى وتحتفظ بعلاقات جيدة للغاية مع البلدين، مشيرا إلى أن توقاييف على اتصال مستمر بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وأنه يتم ارسال مساعدات إنسانية بشكل مستمر إلى أوكرانيا، في المقابل فإن الحدود الروسية – الكازاخستانية هي الأطول في العالم وهي أكثر من 6 ألاف كم، والعلاقات بين البلدين تشهد نموا متزايدا.
وأضاف فاسيلينكو “هذه الحرب الروسية الأوكرانية ليست بعيدة عنا فهي قريبة جدا منا ونحن نعاني بشدة منها فالبلدين أصدقاء لنا ومنذ بداية الحرب سعينا وما زلنا للتحدث مع الجانبين وحاولنا الجلوس والبحث عن حلول لإنهاء هذه الحرب، ونحن من جانبنا نؤيد أي حل لهذه الحرب، وايدنا قرارات الأمم المتحدة ونؤيد كذلك أفكار الصين الـ 12 التي طرحتها لحل هذه الحرب.
ولفت إلى أن كازاخستان تلعب دورا بالغ الأهمية نظرا لتأثر العلاقات الروسية – الأوربية والعقوبات المتبادلة بين الجانبين، حيث تعتبر استانا هي همزة الوصل بين موسكو والعواصم الأوروبية، موضحا أن بلاده تقوم بتصدير النفط إلى أوروبا عبر خطوط الأنابيب الروسية، مشددا على أنهلا يخضع للعقوبات الأوروبية على روسيا كونه نفطا كازاخستانيا وليس روسيا، مشيرا إلى أنه العام الماضي تم تصدير 855 من النفط الكازاخستاني إلى أوروبا عبر روسيا.
ونوه إلى أنه يجري حاليا التفكير في إقامة خط أنابيب إلى أذربيجان ومنها إلى تركيا وكذلك إلى الصين أو من خلال خطط سكك حديدية، مشددا على أن هذه الأفكار والأطروحات ليست بديلة للأنابيب الروسية وإنما إضافة إليها لدعم التوسع في اكتشافات وإنتاج النفط في اطار توجهات الحكومة الكازاخستانية لاستثمار قدراتها وامكانيتها الطبيعية وتسخيرها لخدمة أهدافها التنموية والاقتصادية.
– كازاخستان ومبادرة الحزام والطريق
وتعتبر كازاخستان، بحسب مسئولها البارز، نقطة مفصلية على مبادرة الحزام والطريق، إذ تعتبر همزة الوصل الرئيسية بين الصين وأوروبا، ويمر بها المحورين الشماليين للمبادرة، وهو الطريق الذي يساهم بشكل بالغ في انسياب حركة التجارة بين الصين ودول الاتحاد الأوروبي، خاصة بعد أن قام الرئيس الصيني شي جين بينغ بزيارة العاصمة الكازاخستانية أستانا في مايو 2019، ووقع اتفاق إقامة اتحاد جمركي مع كازاخستان والاتحاد الأوروبي.
وأضاف فاسيلينكو أن كازاخستان قامت بإقامة مناطق لوجستية مختلفة ونفذت منشآت هندسية وخطوط مواصلات وكذلك مد خطوط سكك حديدية بطول 2500 كم في اطار مبادرة الحزام والطريق وذلك لتسهيل نقل التجارة بين الصين ودول الاتحاد الأوروبي عبر نقطتي عبور بين الصين وكازاخستان، وهو ما أدي إلى زيادة حجم التجارة بشكل كبير بين البلدين ويتزايد حجم التجارة بين كازاخستان والصين من عام لأخر، غير أن حركة التجارة مع الاتحاد الأوروبي تأثرت بسبب الحرب الأوكرانية وتبعاتها الاقتصادية.
يومين مضت