الحدث – وكالات
قدمت مصر للإنسانية أقدم النظم التشريعية والإدارية، فنشأت أقدم حكومة منظمة شيدت الحضارات الإنسانية العظمى وعلى مدى العصور تعاقبت الحضارات المصرية وازدهرت استنادًا إلى أسس قوية وراسخة فى نظم وفنون الحكم والإدارة، فمع مرور ذكرى إجراء أول انتخابات برلمانية فى مثل هذا اليوم من عام 1924م، نستعرض خلال التقرير التالى كيف احترم المصريين القدماء القانون لتطبيق العدالة؟.
فقبل نحو 5200 عام، استطاع الملك مينا مؤسس الأسرة الفرعونية الأولى توحيد الوجهين القبلى والبحرى “الجنوب والشمال” فى مصر فى دولة موحدة، ووضع أقدم النظم التشريعية فى التاريخ الإنسانى عندما جعل من قانون “تحوت”، إله الحكمة، القانون الموحد السائد فى مصر بكاملها، واتخذ من مدينة “منف” عاصمة ومركزاً إدارياً لأول دولة مركزية موحدة فى التاريخ، تمتلك جهازاً منظماً فى الحكم والإدارة والقضاء والتعليم والشرطة والجيش وغيرها .
وتدل آثار الحضارة الفرعونية على مدى ما بلغه المصريون من تقدم فى نظم الحكم والإدارة، فكان الملك “الفرعون” على رأس الدولة، وهو يعين الخازن الأعظم أو جابى الضرائب، وكان يوجد عدد كبير من الموظفين يعينون بمرسوم ملكى ويتدرجون فى وظائفهم . كما طبقت مصر منذ عصر الدولة القديمة نظاماً ناجحاً للحكم المحلى.
ومنذ الأسرتين الثالثة والرابعة من الدولة المصرية القديمة ظهرت المراسيم والتشريعات المختلفة مثل التشريع الذى حدد أوقات عمل الفلاح . ومثل تشريع الملك منكاورع الذى استهدف محاربة السخرة .
وحسب ما ذكرت الهيئة العامة للاستعلامات، نستطيع أن نتبين مدى التقدم والتنوع فى المهام التى تؤديها الدولة من مطالعة نقوش مقبرة “رخمى رع” رئيس وزراء ورئيس قضاة الملك تحتمس الثالث على جدران مقبرته فى طيبة، إذ تحتوى على تسجيل كامل للتشريعات الخاصة بشرح أعمال الوزير ووظائفه .
وفى عصر الدولة الفرعونية الحديثة برز دور الملك حور محب الذى يعد من أهم المشرعين فى تاريخ الإنسانية، حيث تميزت تشريعاته بالطابع المدنى بعيداً عن الاعتبارات الدينية، كما اهتم بإصدار العديد من القوانين التى تنظم العلاقة بين الفرد والسلطة الحاكمة، كما كان لتشريعاته فضل السبق فى ترسيخ فكرة الحريات والحقوق العامة مثل حرمة المسكن وحرمة الطريق، كما أكد فكرة أن الوظيفة العامة هى خدمة للشعب وليست وسيلة للتسلط عليه، وأن الموظف العام خادم للشعب وليس سيداً عليه.
وقد تركت الحضارة الفرعونية العديد من آثار وشواهد هذا التطور الإدارى والتشريعى من بينها النص الذى وجد فى مقبرة الأميرة “أيدوت” بمنطقة سقارة والذى يعد أقدم تشريع ضرائبى فى التاريخ، وكثيراً ما سجل المصريون القدماء على معابدهم ومقابرهم صور الملك وهو يقدم ماعت” رمز العدالة والقانون إلى الآلهة، فى إشارة واضحة إلى تقديس مفاهيم وقيم العدل وسيادة القانون.