مقدمة:
مع تعاظم خطورة الدولة التركية وسلطاتها الراغبة والساعية إلى الهيمنة والسيطرة على شعوب ودول المنطقة ومقدراتهم، من الأهمية فهم وإدراك الجوانب المختلفة للحرب التي تشنها الدولة التركية وسلطاتها وإن كانت هي بحد ذاتها كدولة وسلطة بيدق للنظام الليبرالي العالمي وإستمرار لها، وخصوصاً الحرب الخاصة التي تقودها السلطات التركية المرافقة والممهدة والمتممة لأنواع حروبها المختلفة وإستهدافاتها للمنطقة كشعوب وبلدان ومنظومات قيم ومبادئ.
في العموم ليس هناك أي سبب للحروب سوى فرض وسيطرة أيديولوجية محددة على أخرى، والوصول إلى السلطة وتوسيع النفوذ، وتحقيق الربح عن طريق إيجاد أسواق للسلع المصنَّعة وغيرها، والحصول على المواد الخام بأسعار زهيدة تتحكم فيها الدولة المستعمرة وبالتالي تحقيق الهيمنة وزيادتها . فيما عدا ذلك تصنف في خانة الذرائع التي كثيراً ما تلجأ إليها القوى التي تريد الهيمنة والسيطرة. ولعل فعل و قول أردوغان وكلامه عن المناطق والمدن التي تزيد عن 20 مدينة وبلدة التي هدمها الجيش التركي في باكور كردستان ( جنوب شرق تركيا) مثل مدن نصيبين وسور وكفر وغيرهم في عام 2016 وكذالك إحتلال تركيا لمناطق في غرب ليبيا و في شمالي سوريا والعراق يؤكد ويبين ذرائع أردوغان وحزبه التي سوقها للتغطية على رغبته الحقيقة من تلك الحروب فهو تحت زريعة الأمن القومي التركي والإرهاب يخفي رغبته في تقسيم سوريا والعراق وتكرار تجارب لواء إسكندرون والقبرص في ضمن هذه المناطق لتركيا مع العلم أن تركيا كسلطة ودولة هم أكثر من يمارسون الإرهاب ويدعمونه.
بغرض تمهيد وإنجاح وإستمرار حروبها العسكرية أو بغرض تحقيق نفس الأهداف بأقل تكلفة وبأساليب ناعمة وكذالك بهدف السيطرة على العقول والقلوب وبذالك السلوك وتحطيم رغبة المقاومة وخلق حالة الإستسلام في المجتمع المستهدف، تلجأ تركيا إلى الحرب الخاصة التي تعتبر من أخطر أنواع الحروب. مع العلم أن تركيا تقوم بحوالي عشرة حروب أغلبها حروب خاصة لإستهداف شعوب المنطقة منها الحرب العسكرية (الإبادة والتدمير)، الحرب الإقتصادية ( الحصار – التجويع-الجفاف)، الحرب السياسية (التضليل – التمويه)، الحرب الدبلوماسية (الخديعة – الوقيعة)، الحرب الإستخباراتية (تجنيد العملاء – الجواسيس)، الحرب النفسية (تحطيم المعنويات – الإرادة )، الحرب الإيدولوجية (زرع الأفكار والمبادئ)، الحرب الأهلية (الغوغاء-الفتن_ التضخيم والمبالغة- التضليل) وحرب المعلومات( التعتيم_ تقديم الخطأ-التشويه- التشهير).
أهداف الحرب الخاصة :
لنوضح أكثر لعل الحرب الخاصة التي تشنها الدولة التركية وسلطاتها هي التي تهدف إلى تحقيق أهدافها عبر استخدام كل الوسائل المادية والمعنوية لقتل إرادة المجتمع أو الجهة المستهدفة بهدف استسلامها، وخلق اليأس والتشاؤم وانعدام الثقة في النفوس، إلى جانب التشويش وخلق الضبابية في الأراء والأفكار والمواقف، وتعميق التناقضات الثانوية والمصطنعة وتهميش التناقض الرئيسي وخلق الصراع الداخلي وتهميش المجتمعية، وكل ذلك لفرض نفوذها والربح الأعظمي والسرقة. وذلك بتكلفة أقل، وبوسائل خاصة تتضمن العنف التي لا تقبل بها البشرية، وهي من الأسلحة مضمونة النتائج للجهات المتصارعة، وخاصة في حال غياب الوعي المجتمعي..
وتشمل الحرب الخاصة مجمل العمليات المعلوماتية والنفسية والإستخباراتية، إضافة إلى الإقتصادية والسياسية، وهي أوسع وأشمل وأخطر من المفاهيم التقليدية لعمليات التأثير في النفس البشرية.
إن الحرب الخاصة تحقق المفاجأة والخداع، وتفرض فقدان الرؤية وغياب الإستعداد وخلق التوتر والإضطراب ، ومن أهم استراتيجيات الحرب الخاصة كانت وماتزال الهيمنة بتفرعاتها السلطوية، الثقافية، الإجتماعية، والإقتصادية ، بالإضافة إلى التغلغل في خلايا المجتمع الدقيقة دون مقاومة ترتقي لمستوى الهجمات التي تشنها تلك الأدواة.
ولاتعترف الحرب الخاصة بأية قوانين او معايير إنسانية أو أخلاقية وفي سبيل هدفها كل السبل والإمكاتيات متاحة وخارج كل القوانين والإلتزامات سوى دائرتها.
مفهوم الحرب الخاصة:
الحرب الخاصة كمفهوم وممارسة ورغبة قديم قدم رغبة الإنسان في إستعباد الأخرين والسيطرة على كدهم وتعبهم بغرض السرقة والنهب والتحكم . ويقال في منتصف القرن الماضي، احتفظ رئيس الوزراء البريطاني والذي كان من القادة في الحرب العالمية الثانية ونستون تشرشل بمجموعة وثائق تتعلق حول بعض المواضيع العسكرية والسياسية والإقتصادية المتعلقة بالحرب، وسميت فيما بعد بأوراق الحرب الخاصة، كما أسس غرفة خاصة في منزله لقيادة العمليات وسميت بغرفة الحرب الخاصة.
كما استخدمت بعض وسائل الإعلام هذا المصطلح للإشارة إلى جرائم الحرب التي ارتكبت في يوغسالفيا في الفترة ما بين 1991-1995م. وكما أن حلف الناتو أسس دائرة الحرب الخاصة لمجابهة المد السوفيتي وكذالك أقام عدة فروع في دول الحلف وكان منها إيطاليا وألمانيا وتركيا ودول أخرى.
في عام 1961 أسست تركيا “دائرة الحرب الخاصة” كإحدى مؤسسات الإنقلاب العسكري، وتركزت مهماتها في عمليات إغتيال للناشطين الثوريين والصحفيين والمعارضين، وكذلك قمع الإنتفاضات والحركات الإحتجاجية ضد ارهاب الحكومة والجيش آنذاك، وبقيت هذه الدائرة خارج التغطية العالمية والإعلامية ، لكن جرائمها طغت على المشهد التركي وخاصة المعارض وفي التسعينات قامت هذه الدائرة وعبر عدة وسائل بعمليات قتل وإبادة واسعة بحق الشعب الكردي وفعالياته المطالبة بحقوقه الطبيعية في إدارة نفسه في تركيا ويعرف تلك العمليات باسم “فاعل مجهول ” حيث أنه تم قتل اكثر من 17 ألف إنسان كردي خارج كل القوانين والإطر وبشكل ممنهج وكذالك تهجير الملايين وحرق أكثر من 4000 قرية كردية في المناطق الكردية.
يقوم بالحرب الخاصة وكذالك بعمليات الإتصال ومراحل التحضير للحرب الخاصة أشخاص ذو كفاءة عالية في التحليل النفسي والفكري للمجتمع المستهدف والقدرة العالية على فهم نبض حياتهم بكاملها ، عبر رسائل أيديولوجية تخاطب النفس البشرية بأساليب مختلفة ومتنوعة، وتنقلها وسائل الإتصال إلى العملاء المجندين المختلفة من الفضائيات والإذاعات ووسائل التواصل ومنصاتها المختلفة، وصولاً لنشر الإشاعات والفكر المطلوب نشرها، والتي لن تهدأ أصحابها إلا عندما يتم الحصول على رد الفعل المطلوب والمراد.
إن الحرب الخاصة التركية أحلت بالشعوب الأهات والهلاك وهي التي صهرت اللغات والثقافات وخلقت الفاشية المجرمة في تركيا، وهي التي جعلت من الإنسان كائنا مستهلكا مبعثرا لكدح و نشاط وإنجازات المجتمع ، بدلا من أن يكون فردا فعالا ضامناً لسيرورة المجتمع ودوام حقيقته. من خلال وسائلها الإعلامية والإرهابية والدعائية التي اتخذت من ثالوث ( الجنس ، الرياضة ، الفن ) وسيلة السلب المجتمع وإفراغه من معنى وجوده . الدعاية ضد معتقدات الخصم ، الإشاعة ، بث الرعب ، الخداع ، افتعال الأزمات ، إثارة القلق ، إبراز التفوق المادي والتقني والعسكري ، التقليل من قوة الخصم والعدو ، التهديد والوعيد ، الإغراء والإغواء والمناورات ، الاستفادة من التناقضات والخلافات ، الضغوطات الاقتصادية ، إثارة مشاعر المكونات القومية والدينية ، الاغتيالات ، تسريب معلومات عسكرية وأمنية وسياسية حساسة عن العدو الحرب الخاصة وتطبيقاتها في الصحافة. ولو تذكرنا مافعلته تركيا بالعرب والأرمن والسريان الأشوريين و اليونان والكرد وكذالك مافعلتها بالمجتمع الإيزيدين و ماتفعله بالكرد والعرب حالياً من سياسات التغير الديموغرافي والتطهير العرقي يؤكد ذالك بدون أدنى شك.
من أساليب الحرب الخاصة التركية:
1_قطع أي جسر أو إتصال للناس والمجتمعات مع القديم أو حتى مع حقيقة المجتمعات وتاريخهم:
وذالك بمحاولات تغييب العقل وإبتعاد الإنسان عن قيمه وتحقيق حالة التشتت والضياع وإبتعاد الإنسان عن تاريخه، وعدم معرفته من أين أتى وإلى أين يذهب وإبتعاده عن بيئته بإعتبار أن هناك صلة بين الإنسان وبيئته، وعدم التفكير بشكل مستقل والإفتخار بالتقليد ولعل أوضح الأمثلة هي مدارس” إيبو” التي بنتها تركيا بغرض هذا الغرض وتطبيقها على الأطفال وخصوصاً من القومية الكردية.
2_إستخدام مثيرات العنف بشكل مستمر وممنهج كمثال حرب داعش و التفجيرات التي أرتكبتها الإستخبارات التركية ضمن تركيا بإسم داعش كما في مجزرة سروج 2015 بحق 33 شاباً من إتحاد الشبيبة الإشتراكيين وكذالك في مجزرة أنقرة التي زادت فيها عدد الشهداء من المدنيين المؤيدين لحزب الشعوب الديمقراطي عن 120 شخص. بإلإضافة إلى عمل داعش ودعم أردوغان وحزب العدالة والتنمية لها في سوريا والعراق وإرتكابها المجازر بتشجيع وأوامر تركية بحق الإيزيدين في شنكال وكذالك في شمال سوريا وظهور قطع الرؤوس وحرق األشخاص وهم أحياء.. .
3_التركيز على النواحي التدميرية والعمل على نفسية التدمير دون البناء: وفرص الهروب منها دون الوعي معدومة ولدى تركيا وسائل كثيرة لإشعار الأخريين بدونيتهم وإعلاء العنصر التركي فنظرتهم إلى الشعوب المنطقة ومنهم الشعب العربي سلبية ويقولون أن الشعوب الأخرى أقل شاناً. وكل القوميات المتواجدة في تركيا هي غير موجودة في الدستور والعقل الفاشي التركي حيث قال أردوغان عن 30 مليون كردي بدون أية حقوق ” إذا لم تغكر بهم فلا يوجد قضية كردية” بالإضافة إلى 7 مليون عربي و الأرمن والأبخازيين والألبان والأشوريين والبوسنيين والشركس والجورجيين والبلغار والغجر، واليونانيين والبونتس محرون من أية حقوق وإعتبار وأي واحد من هذه الأعراق والقوميات هم أتراك بلإكراه وغير ذالك مصيره السجن والقتل وأقرب مثال المحامية إبرو تيمتك وقبلهم المطربة هيلين بولوك.
4_محو الذاكرة وخاصة المجازر التي ارتكبوها بحق الشعوب، وجعلها عادية، وإقناع الشعوب بأنها لن
تتكرر، على الرغم من أنهم يرتكبونها ويخططون لإرتكابها يومياً مرة أخرى. فمن يستطيع أن ينكر مجازر الأرمن وجازر سيفو وكذالك المجازر بحق الكرد في ديرسم ووادي زيلان وآمد أيام إنتفاضة الشيخ سعيد بيران الكردي عام 1925م حتى أنه من الأهمية معرفة أن السلطات التركية كانت تحضر للهجمات والقضاء على القوى الكردية الفاعلة في تركيا في نفس الوقت التي كالنت تتفاوض معهم لحل القضية الكردية في أوسلو.
ولعل من أغرب الشواهد هي سرقة تركيا للأغاني الكردية في مؤسسة ( تي أر تي_TRT) التلفزيونية مع الحفاظ على اللحن وتغير الكلمات التي ترتبط وتمجد المجتمع الكردي وأخلاقه وترجمته وتركيبه وتقديمه مرة أخرى حتى يتم القضاء على الذاكرة الجمعية للمجتمع الكردي بغية تتركيه والقضاء على روح تماسكه. بالإضافة إلى منعهم كل الثقافات واللغات الأخرى ..
6_تدمير القيم الإجتماعية للمجتمع ودفاعها الذاتية المحق عن وجودها وحرتها وكرامتها وتسميتها بالمثاليات والوطنيات الفارغة حتى تخلق جيل ونفسيات مهزومة ومستسلمة و تفتقر إلى الشرف والكرامة الوطنية. لذالك نرى البعض من شعوبنا يتعامل ويقيم علاقات إستراتيجية مع تركيا ضد شعبه ولعل الإخوان فاقدي الإنتماء الوطني وكذالك بعض الأحزاب الكردية أصبحت أدواة لتدمير مجتمعاتها ومساعدة بالإضافة إلى المشاركة مع تركيا في تشويه الدول وكذالك تصفية حركات المقاومة التي تحمي مجتمعاتنا من أبادة الدولة التركية. .
7_تحطيم إرادة الشعوب وجعلهم مشاهدين متابعين غير مشاركين فعليين في إدارة أوطانهم : ولعل ماتفعله تركيا في أماكن إحتلالها من عفرين وسرى كانية(رأس العين) و كرى سبي (تل أبيض) وإدلب والباب وجرابلس وإعزاز وكذالك مدن غرب ليبيا هي نماذج أن تركيا هي الحاكم الفعلي عبر تعينها ولاة أتراك أما المتعاونيين معها فأدوارهم فقط مرتزقة إنكشاريين ومتممين ومطبلين للتركي السيد الوحيد . ولدى العقل التركي الهيمني قاعدة هو أن الشعوب الأخرى يجب أن يتم توزيعها ويجب ان لا يتواجد نسبة اكثر من 5 % منه في أي بقعة جغرافية حتى يتم صهره مع الايام وتتريكهم.
8_ بث خطاب الكراهية والعنف والتكبر على الأخريين وإعاقة وصول المعلومات الصحيحة إلى المجتمع التركي وسجن النشطاء والمعارضين فقط لوضعهم إعجاب على منشور على وسائل التواصل وبذالك العمل على خلق مجتمع نمطي متنمل يتغذى على المفاهيم والشعارات العنصرية والقوموية والإسلاموية.
وحتى أن السلطات التركية ولإخفاء حربها المستمرة منذ 40 سنة ضد الشعب الكردي أوجدت قوات خاصة وبعقود تشترط فيها على المنضمين ، عندما يموتون لا يعلنون ويتم أخفاء قتلهم حتى يظن المجتمع التركي أن الجيش التركي لايفقد عناصره وبذالك لا يخلق رأي عام ضاغط على الحكومة التركية لوقف قتل الشعب الكردي وحل القضية الكردية في تركيا.
للحرب الخاصة ثلاثة إستمالات:
الإستمالة العاطفية: وتشمل إيجاد مشاعر ملائمة لدى المتلقي عبر مخاطبة القيم والعواطف والقلوب، أو من خالل وضعه في جو سعيدعند استقبال الرسالة.
الإستمالة العقلية: وهى تستخدم المنطق والشواهد التجريبية لتأكيد الرسالة.
الإستمالة التخويفية: وهى تخاطب غريزة الخوف عند المتلقي.
ولعل المتابع للإعلام التركي يتبين حقيقة الإستمالات الثلاثة وبلغات الشعوب والمجتمعات المستهدفة فمن وكالة الأناضول إلى مؤسسة (تي ر تي_TRT) التلفزيونية وقنواتها الناطقة بالكردية والعربية والإنكليزية هم أدواة للحرب الخاصة.
قال هتلر ذات مرة : “إن أسلحتنا الإضطراب الذهني وتناقض المشاعر والحيرة والتردد والرعب الذي ندخله في قلوب األعداء، فعندما يتخاذلون في الداخل ويقفون على حافة التمرد والتردد وتهددهم الفوضى الإجتماعية تحين الساعة لنفتك بهم بضربة واحدة” ولعل تشبيه أردوغان وهتلر كأشخاص وهم يهددون محيطهم في كل الإتجاهات يسوى بين خطاباتهم النارية النازية والعثمانية الجديدة فيه الكثير من الصحة.
دعائم الحرب الخاصة التركية: الحرب النفسية والحرب الغير النظامية ( العمليات الخاصة) والإنقلابات العسكرية.
الحرب النفسية:
ويقصد بها العمليات المخططة الممنهجة التي تستهدف الحكومات والمنظمات والمجموعات والشخصيات والمجتمعات، وتلقنهم المعلومات والدلائل اللازمة، للتأثير على مشاعرهم وغرائزهم ومواهبهم وتصرفاتهم، من أجل حملهم إلى الأوضاع التي يراد لهم؛ وبقول آخر الحرب النفسية هي فن الإستيلاء على العقول.
وهي كل ما يوجه للعدو ما عدا القوة المادية . فهي صراع من أجل النفاذ إلى وعي المجتمع أو الشريحة المستهدفة (الخصم) من أجل التحكم بها وتوجيه مشاعرها وتفكيرها وممارساتها وهزيمتها من الداخل.
يتلخص أهداف ومبادئ الحرب النفسية في تحطيم الوحدة المجتمعية والنفسية، ببعثرة جهود القوى السياسية والسعي لتناحرهم والتشكيك في سلامتهم وعدالة الهدف أو القضية. وزعزعة الثقة بإحراز النصر وبقوة القوات المدافعة عن حقوق المجتمع و استغلال أية انكسارات بسيطة لدى القوات المدافعة في إضعاف عقيدته و تفتيت حلفاء الشعب وكسب الحايديين إلى جانبهم .
أدوات الحرب النفسية:
1_الدعاية السياسية: بإيجاد معارضة (صورية) داخل صفوف الشعب، تعمل لغير صالح الشعب وتخدم الدولة العميقة والسلطة ولعل حزب الشعب الجمهوري وحزب الخير وعدة أحزاب أخرى في تركيا تلعب هذا الدور كمعارضة صورية لأنها في القرارات التي كانت تتخذ في البرلمان التركية لإحتلال ليبيا وشمالي سوريا وشمالي العراق كانت هذه الأحزاب تؤيد سياسة أردوغان وسلطته مع الحركة القومية التركية، فقط الحزب الذي يمثل المعارضة الحقيقة هو حزب الشعوب الديمقراطيHDP الذي تم سجن رئيساه صلاح الدين داميرتاش وفيدان يوكساكداغ والعديد من نوابه ورؤساء البلديات ..
2_محاربة الإيديولوجية: بتشويه الفكر وتحطيم التماسك النفسي،وتمزيق مكونات الشخصية، كما تفعل بعض الأدواة من الأحزاب القوموية او الليبرالية أو بعض المنادين بالحداثة والمنظمات المدنية الفاقدين للمبادئ والقيم و الروح المجتمعية حيث يصرحون أن زمن الأيدولوجيات إنتهت وكذالك الأحزاب وأن كل واحد حر لوحده دون معرفته أو معرفته أن غرضه هو تصفية توحد وتماسك المجتمعات في مراحل النضال وسعيها للحرية والكرامة وإضعاف القوى الريادية مع العلم أن لا أحد يستطيع جمع المجتمعات في إطار واحد والمطلوب هي تفعيل طاقات المجتمعات في كل الأطر والمؤسسات التي تجمع وتنظم تلك الطاقات وبذالك تزداد قوة مناعة ومقاومة المجتعات الساعية إلى الحرية والعيش الكريم . في أن البعض الأخر يصرح بأن طرح مفاهيم الديمقراطية وتحقيق التعددية واللامركزية هو إعتداء على المقدسات وكأن كل مخالف هو كافر ومرتد.
-3_الشائعات : خلق بلبلة والتشكيك، كالتشكيك في قدرة المجتمع في إدارة ذاته والقول أننا لانستطيع مجابهة تركيا وتركيا قوية وعلى العالم مساعدتنا نحن وحدا لانقدر كل هذا الكلام هو تحقيق للحالة المرادة من قبل تركيا لهزيمة الدول والمجتمعات في نفوس أبنائها وبعدها يصبح غزوهم سهلة طالما تهيئ نفسياً للهزيمة والإستسلام.
4_الإغتيالات وخلق الفتن والقلاقل: مثل قتل قادة الرأي والميدان والسياسة كما فعلت تركيا مع الشهيد طاهر ألجي في مدينة آمد(ديابكر) في باكور كردستان (جنوب شرق تركيا) والشهيد عيسى حسو والشهيدة هفرين خلف وعمر علوش في شمالي سوريا .
5_استخدام النزاعات: العرقية والطائفية والعشائرية ولعل ماحدث في دير الزور في الفترة الأخيرة وكذالك دفع تركيا وغيرها من القوى الدولية والإقليمية بإتجاه الفتن وإضعاف وحدة شعوب المنطقة في مناطق تواجد المشاريع التكاملية والديمقراطية هي لتمرير أجندتهم وتحقيق السيطرة والهيمنة لهم.
5_استخدام المنظمات: بشرائها مالياً، عقائدياً وكذالك إستخدام المنظمات الإنسانية لتمرير مشاريع إستخباراتية مثل منظمة ( إي ها ها ) التركية وكذالك منظمة تيكا التركية اللتان تنشطان في أماكن وجود المنظمات الإرهابية مثل أماكن تواجد بوكو حرام وكذالك في أماكن القاعدة والنصرة في إدلب
6_التجسس والتلفيق والتزوير: بغرض الحصول على المعلومات، وكذالك التشهير بالشخصيات والقامات الوطنية والعارضة والمقاومة للدولة التركية. بغرض إضعاف تأثيرهم وكذالك خلق حالات الإرباك والتردد.
7_الضغط الإقتصادي والمائي: وذالك التلويح باستخدام العقوبات الإقتصادية وزيادة الفقر وسد الطريق امام المشاريع الصغيرة الخاصة ووضع اليد على ممتلكات المستهدفين وكذالك قطع المياه كما يفعله تركيا عن سكان محافظة الحسكة وتل تمر في مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا. بالإضافة إلى بناء مشروع السدود “غاب” وسد أليسو الذي يسبب الموت والجفاف وقتل الحياة في سوريا والعراق وإخفاء هوية المناطق الكردية في تركيا مثل أثار” حسن كيف” وغيرهم.
8_الإعتداء الجنسي والإغتصاب بحق المعارضين من الجنسين بغرض تحطيم الإنسان ومن ثم فرض حالة الإستسلام عليه بغية إستخدامه كأداة ضد المجتمع الذي ينتمي إليه المعارض. ولعل حالات الممنهجة ضمن المؤسسات التي تنشاها الدولة التركية وحتى ضمن مرتزقتها من ما يسمى” الجيش الوطني السوري” من الأغتصاب واللواطة وجهاد النكاح كلها وسائل حرب خاصة للمخابرات وللمحتل التركي لخلق العبد والإنكشاري التابع للسلطان التركي..
الحرب الغير النظامية (العمليات الخاصة): وهي العمليات العسكرية التي تعتبر “خاصة” (أي
غير تقليدية)، وتقوم بتنفيذها وحدات قوات خاصة مخصصة لها ولعل أهمها هي الأغتيالات والخطف أو التسبب في حالة مرادة كما قال رئيس الإستخبارات التركية في أحد التسجيلات المسربة في عام 2013 أنه يستطيع أن يخلق زريعة لمهاجمة شمالي سوريا خلال 15 دقيقة في أن يبعث بعدد من العناصر إلى الحدود السورية لقصف بعض المدن التركية وبذالك يتوفر المبرر لمهاجمة الكرد وشمالي سوريا.
ولعل إنشاء أردوغان لحراس الليل وكذالك للأجهزة الأمنية الموازية في إسطنبول وقبلهم من سنوات التسعينات إنشاء حراس القرى( الجردفان) هي من هذه الادواة للحرب الغير النظامية وربما كل حركات الاخوان المسلمين والإسلام السياسي ينشأ أجهزة خاصة غير نظامية حتى لو كانوا في السلطة فهم في حالة صراع مع المجتمعات والشعوب لأدواره العميلة والمضادة مع مصالح الشعوب وسعادتها وسلامتها .
ومن الممكن وضع ماشكله أردوغان من كتائب باسم السلاطين العثمانيين وما سمى الجيش الوطني السوري كمرتزقة وإنكشاريين جدد أيضاَ وحدات غير نظامية وأدواة حرب خاصة كونهم لايتقيدون بأية قوانيين ومعايير ويرتكبون الجرائم اليومية بحق الكرد السوريين وكذالك بحق الليبين وربما نشاهد تلك المرتزقة في دول مثل لبنان واليمن وربما في تونس والجزائر ودول أخرى .
الإنقلابات العسكرية: وهي دائما كانت حالة مرافقة للدولة التركية و للسلطات التركية فأردوغان إنقلب على أنتخابات 7 حزيران عام 2015 وكذالك إنقلب أردوغان على محادثات السلام مع الطرف الكردي عام 2015 وإنقلب أردوغان على نظام الحكم في تركيا وجعله رئاسياً وكذالك على كل المحيطين وجيرانه وجعل صفر مشاكل إلى صفر أصدقاء ماعدا مشغليه والمستفيدين من مغامراته وإحتلالته مثل أمريكا وروسيا وبعض الدول الإقليمية.
وحتى أن إنقلاب 15 يوليو( تموز) عام 2016 تم بعلم أردوغان وإنقلب على كل المؤسسات وسجن مئات الألاف من المواطنيين الترك بتهم مصطنعة وزائفة.
المجتمع الطفل:
يتحدث المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي منذ عام 1979 تحت عنوان “الأسلحة الصامتة لخوض حرب هادئة”
عن إستراتيجيات للتحكم بالشعوب وترويضها لخدمة القوى والأطراف التي تو ّجه أدوات حربها الخاصة وتطبقها بشكل مرن أو خشن ويطرح مفهوم ” المجتمع الطفل” وفي هذا، تستفيد الحرب الخاصة من دراسة سلوكيات الطفل السلبية” ليتم تطبيقها على المجتمع بأكمله، بالضغط للمرة الإولى،وبالمسايرة والإقناع الطوعي المستند إلى الإي حاء نحو الهدف المراد تطبيقه في المرة الثانية، وفي كلتا الحالتين يتحول المجتمع بعد سلسلة من العمليات النفسية التي من الصعوبة مواجهتها من قبل “المجتمع الطفل” إلى تطبيق نظرية “التخلية والتحلية” التي يترك فيها بعض عاداته الجيدة على حساب التحلي ببعض العادات والسلوكيات الجديدة الُمراد تطبيقها من قبل الحرب الخاصة.
ما هو المجتمع الطفل؟
هو المجتمع الذي يتقمص شخصية الطفل في تصرفاته وأسلوب حياته، حيث يتأقلم بسهولة مع كل شيء جديد بغض النظر عن فائدته أو ضرره، ويفرط في اللهو بينما يبتعد عن الإلتزام والمسؤولية، وهو اتكالي لدرجة التقزز، كما من السهولة بالنسبة له تقمص الشخصيات الغريبة، وهو شديد التقليد، متردد في اتخاذ أي قرار حينا أخرى، أي ليس لديه طريقة جيدة ً، ومتهوراً وأني واناني للأختيار والقرار، مخا لف لكل شيء، وطالب لكل شيء، استهالكي وليس لديه القدرة على التمييز بين الجيد والرديء، سريع االنفعال والنسيان، ليس لديه ما يؤرق فكره سوى الأشياء البسيطة، أما الأشياء والأفكار الكبيرة فيعتبرها عمل لمن هم أكبر منه، كما يتميز المجتمع الطفل بكثرة الحركة وعدم الإستقرار.
كما يتغير مزاجه بشكل متكرروليس لديه القدرة على التحكم في انفعاالته، وعديم الثقة بنفسه، ودائم الشكوى.
دون فائدة، معجب بشخصيته في سياق غروري غير مطلوب.
وبحسب كتب “سيكولوجيا الإنسان المقهور” فأن ثقافة الخوف التي تصدرها السلطات التركية عبر مؤسساتها او جيشها او عبر ادواتها هي التي تسمح بنشوء علاقات غير سويّة بين أفراد المجتمع، فكل شيء يتعرض للتشوية بل لليبوسة والجفاف والموت، وأن منظومة القيم االنسانية تتمزق على نحو متسلسل، فالحوار، والحب، والإبداع، والعاطفة،
فثقافة الخوف تسوق الجميع نحو الأسر الجماعي لمركز التبني.
وهكذا نجد أن خطورة تركيا كدولة وسلطات تتجاوز كل المخاطر والتحديات وهي تستهدف كل المنطقة وكل الشعوب وهي بذهنيتها القوموية والإسلاموية وبأدواتها وبمشاريعها وحربها الخاصة تشكل بؤرة التهديد والإرهاب وعامل عدم إستقرار وأمن وهي تسعى إلى الهيمنة والتحكم والسيطرة والسرقة والنهب . ولعل مجابهة هذه المخاطر والتحديات يكون بالحقيقية وبالمجتمعية وإمتلاك وعي ديمقراطي وعلم معاصر ومعلومة دقيقة وأدواة مواجهة تجسد الحقيقة السياسية والأخلاقية لمجتمعاتنا وكذالك بمواقف صلبة تُفهم تركيا وسلطاتها باللغة التي يفهمونها كما تفعل قوات الكريلا( قوات الدفاع الشعبي) في حفتانين وخاكورك . وكذالك بتحقيق تكامل الشخصية المقاومة من وحدة الروح والقلب والعقل وبالتوحد وليس بحرب خاصة موازية أو مقابلة .