الأحد 24 نوفمبر 2024
القاهرة °C

ما بعد كورونا.. حروب أم تسويات؟!ٍ

رياض درار

تطورات ما بعد كورونا، وقياس أزمة ترامب، وفشله في إدارة ملف الوباء المستشري والذي جعل أمريكا في المرتبة الأولى، متفوقة على الصين وإيطاليا واسبانيا، وكان يجب التنبه له والتحسب لولا النظام الاقتصادي وحسابات ترامب الربحية، على حساب برنامج التأمين الصحي الأوبامي.

مع الوباء؛ بعض التطورات الإقليمية شهدت تحركات، من ضمنها مواجهات وتصعيد مع إيران في الخليج وفي العراق وسوريا، كان لإسرائيل مشاركات عملية فيها بسوريا ولبنان، وفي ساحة أخرى تصعيد مع الصين، وتهم أنها تسببت بوباء كورونا؛ ما يجعل ذلك مبرراً لاندفاعات جديدة يمكن أن تتطور إلى مواجهات. وترامب أمام الأزمة التي سببها كورونا قد يهرب إلى الأمام ويدفع إلى مواجهات مسلحة، تهدف إلى استرجاع رصيده المتراجع، والتهديد الذي تنتظره الانتخابات الرئاسية نهاية هذا العام.

إن الأزمات تدفع الحكومات التي تواجه ضغوطاً لمثل هذه الحالات من الحروب إلى تغطية فشلها، فأمريكا لم تكن تحتاج خوض هذه الحروب التعويضية؛ لأنها باستمرار كانت تترك المتحاربين يستنفذون قدراتهم، ويحتاجوا إلى تدخل يرفع الكفة التي تكون أمريكا إلى جانبها، كما حصل في الحرب الثانية. إذ؛ دخلت في نهايتها إلى جانب الحلفاء.

يستطيع المتتبع أن يجد أن الرؤساء الثلاثة الأخيرين للبيت الأبيض لم يكونوا بمستوى الحلم الأمريكي، فقد كانت الدول تتضخم وتتقدم، بينما بقيت أمريكا على حالها؛ تدير الأزمات وتربح من إدارتها. لكنها؛ تخسر شعاراتها وتخسر صداقاتها، ودول الخصوم تتقدم اقتصادياً كالصين، وحضوراً دولياً منافساً كروسيا، وتهديداً لاستراتيجيتها كإيران، وخسارة لأصدقائها الأوروبيين وتركيا.

أمريكا دولة قوية، لا يهددها استعادة روسيا حضورها الدولي. ولكن؛ التقدم الاقتصادي للصين، التي تقدمت وصارت تنافس الاقتصاد الأمريكي، حيث امبراطورية تنشأ، وامبراطورية في طور التراجع والانحسار؛ يصيبها بالذعر. وقد يدفعها لحرب تمنع الصين من التقدم والنمو، وتمنع روسيا من الحضور المنافس. مع أن الحروب لم تستطع منع الآخرين من التقدم، وحروب أفغانستان والعراق التي بدأتها أمريكا لاستعادة الهيبة المجروحة بعد 11 أيلول؛ جعلتها المقاومة تتراجع وتنسحب، وصعدت قوى بدأت تؤثر على حسابات أمريكا العسكرية، وكانت إيران شجرة الأشواك التي خرجت وسط الحديقة التي زرعتها لتتحكم بالشرق الأوسط بشكل نهائي.

ما تقوم به أمريكا حتى الآن مزيد من التراجعات باسم إدارة الأزمات، وقرارات الرئاسة الأمريكية من أجل الفوز بتجديد للرئاسة؛ يجعل مصالح الآخرين من الحلفاء والأصدقاء تضيع بسبب وعد انتخابي مهما كانت الخدمات المقدمة، وهو ما حصل في وعود أوباما التي أفسحت المجال لتقدم داعش على حساب العراق ومن ثم سوريا، ووعود ترامب الذي خذل الشركاء بعد القضاء على داعش.

تستطيع أمريكا حل المسألة السورية، وفرض هذا الحل بما تملك من ضغوط على الأطراف وحينها يمكنها رسم سياسات ما بعد سوريا؛ لأن حسابات السياسة ترى كل تهاون في إيجاد هذا الحل يعني أن إدارة الأزمة بالأسلوب المتبع؛ يدفع لاستمرار الأزمة واتساع المواجهة التي لن تخدم الوجود الأمريكي في المنطقة، ولن توقف التقدم الروسي والصيني والإيراني، ويعجل بخروج تركيا من التحالفات القديمة وسيضعف الدور الأمريكي، ويجعله ينحسر.

كورونا تؤثر على القرار الأمريكي، وتفشي الوباء المتزايد حتى وصل إلى حاملات الطائرات التي تجوب البحار، سيحمل صاحب القرار على السكون، والتعايش مع الأحداث عبر تحركات تمثيلية من نصب الباتريوت إلى تنقلات بين القواعد والتجمعات، ومع فجيعة حلفاء أمريكا من مساعدات لم تصل مع تزايد الوباء، وحصولهم على المساعدة من الصين وروسيا وكوبا خصوم أمريكا، فإن الثقة ستتزعزع، والتحالفات التاريخية ستتهدد، تحالفات جديدة قد تنشأ، وأمريكا التي لا تسعى إلى خوض حروب قد يكون أمامها سيناريو العزلة، وترك العالم يتخبط، وقد تنشأ حروب لإعادة تشكيل المناطق. وبعد الوهن الذي يصيب الجميع؛ تتدخل لتشارك في حسم النهايات كما فعلت في الحرب الثانية وتربح من جديد، وغير ذلك؛ فإن سيناريو تسويات كبرى تعيد رسم العالم يمكن أن تنشأ بين أمريكا وبين الصين وتكون روسيا طرفاً فيه، وهو من تصورات الحالمين. وفي كلا الاحتمالين وحتى تتحقق، قد تفنى شعوب، وتذوب حدود، وتنتهي دول، بعدها ننظر كيف يكون شكل هذا العالم الجديد!!.

to top