حنان عثمان –
رغم كل التضحيات والجهود التي تقدمها النساء في كافة أنحاء العالم وفي شتى المجالات الاجتماعية والسياسية والعلمية من أجل التحرر والنهوض والتنمية، ورغم الدور الريادي الذي تلعبه المرأة في المجتمع وخاصة في زمن الأزمات والحروب والويلات حيث أنها تبذل جهوداً جبارة من أجل الحفاظ على السلم والأمن. استقرار الأوطان واستقرار الأسرة تكون من أولوياتها المبدئية التي لا تقبل المس بها.
ولكن وفي الوقت الذي يجب على الأسرة أن تكون الحضن الآمن والملاذ الحامي للمرأة خصوصاً في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها البشرية جمعاء جراء تفشي فايروس كورونا المستجد، نرى أن قضايا العنف الأسري حول العالم تعود إلى الواجهة بشكل كبير، وكما أثبتت التجارب التاريخية أن العنف الجسدي يزداد ويتفشى بشكل خطير في ظل الأزمات.
من الواضح أن جائحة كورونا قد مارست ضغطاً نفسياً كبيراً على كل فئات المجتمع أما الضغط المجتمعي المتردي فقد مارس ضغط مضاعف على النساء من قبل أقرب الأشخاص لها كالزوج أو الأب أو الأخ حيث الاعتداء على جسدها وكرامتها وروحها وحتى التدخل بأبسط الأساليب الحياتية لها، وهذا ما يدفع الكثير من النساء للانتحار.
ولا ينحصر العنف هذا في منطقتنا الشرق الأوسطية بل نلاحظ انتشار هذه الظاهرة في المجتمعات الغربية مثل بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وكندا حيث شاهدنا صوراً ومشاهد كثيرة للمعنفات على مواقع التواصل الاجتماعي وكانت مروعة!
في لبنان، الوضع لا يختلف أبداً، فالمرأة اللبنانية المناضلة في كافة الساحات والميادين من أجل الحصول على أبسط الحقوق المدنية والقانونية نراها اليوم تتعرض لأبشع أنواع العنف المنزلي في ظل الحجر الصحي المفروض على المواطنين منذ حوالي الشهرين، ويشمل التعنيف القتل ومحاولات القتل التي يقوم بها المعنف وحتى إجبار النساء على الانتحار هرباً من التعنيف.
ولكن وجل ما يؤسف حقاً أن الدول والحكومات ما زالت تدافع وتحمي المعتدي وذلك بعدم إقرار قوانين رادعة أو حتى اتخاذ تدابير حماية قانونية أو حتى اجتماعية وأمنية للحد من ظاهرة العنف الأسري ولوقف النزيف الحاد التي تتعرض له المرأة جراء هذا التعنيف.
ونحن كرابطة نوروز وأغلبية المنظمات النسائية الأعضاء في المركز الإقليمي للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي قمنا بإقامة مبادرة لإعلاء صوت النساء المعنفات وذلك من خلال كتابة نداء عاجل للأمم المتحدة وموقّع لبنانياً وإقليمياً، نحثهم فيها على الضغط على هذه الحكومات الفاشلة لإجبارها على تطبيق القوانين والمواثيق الدولية التي قاموا بالتوقيع عليها، والتي بقيت حبراً على ورق، حيث على هذه المنظمات الدولية متابعة ومراقبة مدى تقيد هذه الدول بالقوانين وتطبيقها، فصرخات الاستغاثة باتت تصدر من كافة الأرجاء لأن الفيروس المعشعش في خلايا بعض المنازل بات أشد فتكاً من كوفيد 19.
-روناهي