الأحد 24 نوفمبر 2024
القاهرة °C

الانفصال وتداعياته على المرأة

 هيفا حيدر حسن

 الطلاق لغة: هو التحرّر من القيود، والتحلّل منها، ويُعرّف اصطلاحاً بأنه: إزالة عقد النكاح بلفظ مخصوص، أو بكل لفظ يدل عليه، والنكاح الذي يُعتبر به الطلاق هو النكاح الذي وقع صحيحاً بكل شروطه وأركانه.

ومما لا شك فيه أن الطلاق مشكلة اجتماعية خطيرة، تنجم عن أسباب عدّة؛ كعدم تفاهم الزوجين، أو بسبب المشاكل المادية والفقر وتدني مستوى المعيشة، أو النزاع والخلافات القوية حول تربية الأبناء، أو تدخّل الأهل، وربما لأمور بسيطة قد تتراكم مع الوقت.. إلخ، وله انعكاسات وآثار سلبية على الأسرة والمجتمع، كما ترافقه ضغوط نفسية ومجتمعية شديدة؛ فهو يلحق الضرر بجميع أفراد الأسرة من زوج وزوجة والأولاد بنسب متفاوتة، وتكون معاناة المرأة وحزنها مؤلمة وصعبة في حال حرمانها من أولادها.

على الرغم من أن الدين الإسلامي شرّع الطلاق في مجتمعاتنا الشرقية، إلا أن المرأة تعيش أصعب الصراعات العاطفية، وما يُثقل كاهلها أكثر هو نظرة المجتمع القاصرة والقاسية للمرأة المطلقة بحكم الأعراف المتخلفة، وكأنه يحاول أن يعاقبها على ذنب لم ترتكبه، ويحكم عليها بسجن أبدي داخل صفة المطلقة.

وغالباً ما تكابد المرأة المطلقة في مجتمعاتنا اضطرابات عنيفة، ومحناً أشد من محنة طلاقها، محناً تُشعرها بالذل والعار والمهانة.

رغم أن الحياة تطورت وتغيرت في الكثير من المفاهيم، وأخذت المرأة مجالاتها في شتى نواحي الحياة، إلا أن مجتمعاتنا تعاني بأكملها من جملة من الموروثات والعادات الشعبية، والتي تتمظهر أساساً حول نظرة الرجل إلى المرأة بدونية؛ وعلى جميع المستويات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والسياسية، وتصفها كائناً ضعيفاً مستسلماً وتابعاً تحت رحمة غيره، لذا تنظر إلى المرأة المطلقة كونها كياناً مستلباً وفاقداً أهليتها، فيصعب عليها التكيّف والتأقلم مع الوضع الجديد، وبذلك تُحرم من الاستقرار النفسي والاجتماعي.

إن سبب احتمالية نظرة المجتمع إليها نظرة سلبية يعتمد على ثقافة الشخص نفسه ومدى وعيه في تقبّل واقع المرأة في المجتمع عموماً، فالشخص الناضج المثقف لا ينظر إليها من جانب واحد من حياتها، وإنما ينظر إلى جميع الجوانب فيها، فالتخلّف والجهل هما الرئيسان لنظرة المجتمع إلى المرأة المطلقة نظرة سلبية، ويجعلانها تعاني من ضغوطات معنوية ونفسية، ولكن المجتمع لا يرحم هذه الإنسانة التي ربما لو كانت الظروف مناسبة، لما قد حصل الطلاق، وإن حدث فقد يكون المسؤول عنه الرجل، وبالتالي فإن النظرة الضيقة تجعلها هامشية، وغير فاعلة، وبعيدة عن فكرة الارتباط برجل ثانٍ، وتكوين أسرة سعيدة.

قد تكون تجربة انتهاء إحدى العلاقات مؤلمة، وتعد من أصعب المراحل التي تعيشها المرأة المطلقة في حياتها، إلا أنها لا تعني فشلاً فيها، بل تكون بمثابة دروس تستخلص منها عِبراً، وتتعلم كيف تتحدى واقعها البائس بإصرار نابع من كينونتها الأنثوية المتجذرة من أمها الطبيعة، ويعتبر حافزاً لها للتغلب على عقبات أكبر في الحياة؛ فتتعامل مع وضعها كفرصة تغيير في اتجاه الوصول لما تريده، وبداية لانطلاقة جديدة في حياة مستقرة.

to top